بقلم: مصطفى الرواشدة*
على مدار عقود كان الحديث ينصب على الاستثمار في الاْردن من خلال الصحافة ووسائل الاعلام المختلفة والمؤسسات المعنية بهذا القطاع وقد حاولت الحكومات المتعاقبة خلق البيئة المناسبة للاستثمار وتشجيعه من خلال إجراءات تمثلت بتأسيس هيئة مستقلة لهذه الغاية لابل تعدت ذلك الى تشريع العديد من القوانين والانظمة لهذه الغاية ولم تفلح كل تلك الإجراءات في دفع هذا القطاع الحيوي ولم تتم تهيئة الظروف المناسبة لنهضة القطاع الاقتصادي في الاْردن ليلبي حاجات الأردنيين في حياة وظروف معيشية ملائمة.
وما زلنا الى يومنا هذا نشهد تراجعا واضحا في الاستثمار والادلة على ذلك واضحة وبينة ومن مظاهر ذلك هجرة رؤوس الأموال من الاْردن وأصبحنا نتحدث عن نسبة كبيرة جدا من الأردنيين ممن يستثمرون اموالهم في دول عربية كالإمارات ومصر وغيرها من الدول ولا يخفى على احد ان بعض من استهواهم وجذبتهم الظروف الامنة والمستقرة في الاْردن للاستثمار فيها قد غادروها لتحديات واجهتهم وجعلتهم يحزمون امتعتهم ومصانعهم وافكارهم ليرحلوا بها خارج الاْردن الذي لم تتهيأ فيه الظروف والمناخات والتسهيلات الجاذبة للاستثمار حيث هناك قصور تشريعي يجعل الظروف غير مناسبة وهناك بيروقراطية قاتلة لامعنى لها تستنزف الجهد والوقت والمال اضافة الى وجود فساد يلازم بعض الأشخاص والمؤسسات المعنية بدفع عجلة الاستثمار ويتسلحون بالابتزاز والرشى وقلة المعرفة .
ولعلنا بذلك أجبنا وبشكل مقتضب عن السؤال المطروح دوما لماذا كل هذا التراجع في هذا القطاع الحيوي والمهم ولمزيد من الايضاح والتفسير فاني اجد انه لابد من الاهتمام بما يلي للمساهمة في خلق البيئة الاستثمارية المناسبة .
١- التعامل مع من يرغب في الاستثمار في الاْردن بايجابية لتشجيع العديد من الراغبين في الاستثمار للقدوم الى الاْردن ويتمثل ذلك في تقديم كل التسهيلات الممكنة والمعاملة اللائقة ومحاسبة كل من يحاول الابتزاز او عرقلة السير في إجراءات الاستثمار وضرورة وضع التشريعات اللازمة لهذه الغاية.
٢- ضرورة تعديل التشريعات المرتبطة بقانون الاستثمار بشكل مباشر او غير مباشر والمثال على ذلك قانون الشركات والجمارك وقوانين وانظمة اخرى كونها تشكل منظومة واحدة ويحب ان تكون متكاملة.
٣- تقديم المزيد من الاعفاءات والاجراءات المتعلقة بالإقامة وتجديد ها والتملك لغايات الاستثمار اذ انها ما زالت تشكل معيقات امام كل من يرغب في الاستثمار وتمس استقرارهم والاطمئنان الذي يجب ان يتوافر لهم وان لا تبقى متعلقات الاستثمار منوطة ومرتبطة بشخص الوزير المعني او كوادر هيئة الاستثمار.
٤- لا شك اننا بحاجة وقبل كل ما سبق الى إشاعة ثقافة الاستثمار والتعامل مع المستثمرين بأنهم يقدمون خدمات مجتمعية ويرفدون الاقتصاد الوطني وان المصلحة العامة في ذلك ترقى وتتقدم على المصالح الفردية او الجهوية والمناطقية.
ولاشك ان جلالة الملك المعظم لم يألو جهدا في التوجيه والتدخل المباشر والتأشير الى مواضع الهنة والتقاعس لدى الحكومات المتعاقبة في تهيئة البيئة الاستثمارية الجاذبة وتشكيل العزيمة الواعية والراشدة في النهوض في الاقتصاد الوطني اذ اننا نواجه تحديا يفوق كل التحديات في القطاع الاقتصادي حيث تراجع مستوى معيشة الأردنيين وظهرت لدينا تحديات متشعبة دافعها واصلها الفقر والبطالة والتراجع الملحوظ في قطاعات التعليم والصحة والنقل . فهل نشهد في قابل الأيام تحولا واعيا باتجاه ايجاد الظروف الملائمة والمعززة والمنتجة بالقطاع الاقتصادي والاستثماري على وجه الخصوص ؟!
* نائب سابق