بقلم: د. سامر أبو رمان
هرعت للتلفزيون الأردني لمتابعة أحداث مدينة الكرك الأردنية المؤلمة أمس فوجدته غافلاً أو متغافلاً ويتناول مواضيع أخرى أذكر منها رعاية رئيس الوزراء لاتفاقية دولية لم احتمل استمرار متابعتها، وانا اعلم أن إطلاق النار وصوت أزيز الرصاص القاتل بأوجه في قلعة الكرك التاريخية حيث تحصن المسلحون وكأنه فلم سينمائي سقط به !؟!
الصمت الحكومي وتخفي الوزراء كان طريق السلامة قديماً، وأما الان فهو الطريق المعبد لسقوطه والذي يتقصص جناحه أصلاً بكل مكان مع ثورة وسائل الاتصال ! فحينما يسكت اعلامنا الرسمي بوقت كان عليه أن ينطق يربك الموقف، ويزيد من ضبابتيه ويفتح المجال لتأويلات وتفسيرات متنوعة، وعلى المدى الطويل يخسر متابعيه فضلا عن فقدان الثقة المفقودة لدرجة كبيرة أصلا !
صدق زميلنا د.محمد القضاة فعلا حينما رفض التشكيك بنتيجة أن التلفزيون الرسمي الأردني حقق نسبة مشاهدة متواضعة في استطلاع رأي الشباب الأردني كان هو الباحث الرئيسي فيه والمشرف على جمع بياناته قبل بضعه شهور !
الصمت الإعلامي الحكومي بالأزمات كأزمة أمس غير مبرر ابداً ! والذي تابع ردود أفعال الأردنيين الساخرة والناقمة على شبكات التواصل وقتها يدرك الأثر السلبي الذي أحدثه عند الأردنيين فكان بوسع التلفزيون تخصيص مذيع حذر يستقبل اتصالات الناس و يفلترها لا سيما اذا كان المتصل من سكان المناطق المحيطة بالقلعة أو يأتي بمتحدثين يستذكرون تاريخ عمليات ارهابية سابقة دون معلومات جديدة، أو اذا استطاع أن يقنع مسؤول بالتحدث عبر الهاتف بكلام سياسي عام مع فواصل الأغاني الوطنية القصيرة وأسفلها شريط اخباري عاجل بتطورات الأحداث !
كانت القنوات الخاصة الأردنية حاضرة وفاعلة بالأزمة حتى لو كان المحتوى والأداء متواضع ولكنه ينسجم مع إمكانياتهم، وهو ما ربما يفسر بالمقابل أن الشباب الأردني اختاروا قناة رؤية كأكثر قناة أردنية يتابعونها في نفس الاستطلاع الذي ذكرت .
انتهينا مؤخراً من دراسة على أربع مراحل لتعزيز قدرات التأثير الإعلامي لوزارة الاعلام بالكويت بينت لنا حجم التحدي الذي يعيشه الاعلام الرسمي بشكل عام والقلق لدى متخذي القرار لإثبات وجودة ودوره وتأثيره عند الرأي العام والسعي للمحافظة على جمهوره المحلي فضلا عن جذب آخرين.
الأزمات المحلية فرصه سانحة للإعلام الحكومي بما يملك من امكانيات وقوة وسلطة رسمية لتحقيق هذا الهدف التأثيري و الاثبات الوجودي، ولكن مع الأسف يضيعها مرة أخرى لصالح القنوات الكبرى العالمية او القنوات الصغرى المحلية كما جرى في أحداث مدينة الكرك الأردنية .
نسأل الله أن يحفظ بلادنا من كل سوء وأهلنا من كل شر .