بقلم: د. سامر أبو رمان
امتدت آثار الفيضان الأخير الذي
اجتاح السودان، والذي لم تشهد البلاد مثله منذ 100 عام، لتشمل 17 من أصل 18 ولاية
سودانية، مخلفاً 103 قتيل، ونصف مليون من المهجرين، وتدمير أكثر من 100 ألف منزل،
فضلاً عن الأضرار التي لم يتسن حصرها بعد في الأراضي الزراعية والمواشي والبنية
التحتية الهشة أصلاً من فساد متوارث!
ويأتي الفيضان في ظل حالة من الإرهاق الاقتصادي
البالغ الذي يعيشه السودان، والذي يجعل الحكومة عاجزة عن التصدي لآثار الفيضان،
وتقديم المساعدة الضرورية للسكان المتضررين.
والى جانب الاحتياجات العاجلة للمهجرين، من
المأوى والغذاء والمياه الصالحة للشرب، فإن الفيضان قد وضع السودانيين أمام مخاطر
صحية وخيمة، فقد تدفقت السيول الجارفة حاملة بين أمواجها العقارب والثعابين
السامة، إلى جانب خطر تفشي الأمراض المنقولة عن طريق المياه، مثل الكوليرا
والملاريا والالتهاب الكبدي الوبائي، بسبب وجود المياه الراكدة في العديد من
المناطق المتضررة من الفيضانات، والتي سيضاعف من أثرها انتشار البعوض وسوء التغذية،
فضلاً عن نفوق أعداد كبيرة من المواشي بما يشكل كارثة بيئية، ومزيد من الانتشار
لوباء كورونا!
ورغم أن السودان، وعبر بعثته الدائمة لدى الأمم
المتحدة في جنيف، قد وجه نداءً عاجلاً للمنظمات الدولية لإغاثة المتضررين من
السيول والفيضانات، إلا أن الاستجابة العالمية لتقديم العون، سواءً على مستوى
الحكومات أو المنظمات الإنسانية، ما زالت محدودة، ولا تتلاءم مع حجم الكارثة
وآثارها الحالية أو المتوقعة.
ويعكس هذا التراخي العربي والإسلامي والعالمي،
لنجدة السودان، مفارقة غريبة، في مقابل التضامن العالمي الواسع حكومات ومنظمات
وشعوباً مع ضحايا انفجار بيروت الشهر الماضي مع ادراكنا للفارق بين الحدثين لفجاعة
منظر الانفجار وغرابته في بيئة سياسية محتدمة والبحث عن المسبب، وليس المقصود هنا
التهوين من بشاعة انفجار لبنان وقد كتبت عن ضرورة مساندة أهل بيروت وقتها، لكن
كارثة السودان، والتي لم تظهر آثارها بالكامل حتى الآن، كما أنها مرشحة للتفاقم
بسبب استمرار الامطار الموسمية خلال أكتوبر القادم، وبمختلف أبعادها الإنسانية
والاقتصادية والبيئية تبدو أكثر بؤساً وقتامة، وهي تستدعي ردة فعل عاجلة تتناسب
وحجم الكارثة حتى لو لم يفلح الاعلام السوداني أو الجانب الرسمي السوداني من نقل
معاناته بالوقت الصحيح.
إن الحكومات العربية والإسلامية، ثم المجتمع
الدولي عامة والمنظمات الدولية، مطالبون بالارتقاء الى مستوى الكارثة، وضرورة رصد
الميزانيات وتوفير الدعم اللوجستي على وجه السرعة لإغاثة الشعب السوداني، وتسهيل جمع
التبرعات من مختلف الشعوب وارسال المساعدات ومساندة عمل المنظمات الإنسانية للقيام بدورها
في هذه المأساة التي لن تقف عند الخسائر قريبة المدى فقط!