بقلم: د. سامر أبو رمان
أطلق تطبيق التراسل الفوري الواتس أب عام 2009، ثم قامت شركة فيسبوك
بشرائه عام 2014 بقيمة 19 مليار دولار أمريكي، ونما التطبيق وتزايد مستخدموه حول
العالم، حتى وصل عددهم الى ملياري شخص أوائل هذا العام، وفقاً للبيانات التي
نشرتها إدارة التطبيق!
ويبدو الواتس أب WhatsApp، كواحد من شبكات التواصل الاجتماعي، كأكثر الوسائل الغامضة في
التأثير والقياس بسبب طبيعته المغلقة، وسهولة نقل الوسائط المتعددة ومشاركة
المعلومات إلى مجموعات كبيرة الحجم، مما يجعل هذا التطبيق الواسع الانتشار بيئة
صعبة للغاية لنشر الإجراءات المضادة لمكافحة المعلومات المضللة التي أصبحت ذباباً
مزعجاً يغزو هواتفنا يومياً!
يتصف هذا التطبيق باستخدام متناقض لمنصته؛ حين يسمح في نفس الوقت
بالانتشار الفيروسي للمحتوى والدردشة الشخصية المشفرة، ويغدو من الممكن استخدام
هاتين الميزتين معاً على نطاق واسع من خلال حملات المعلومات المضللة، ويصبح من
الصعوبة قياس تأثيره وما يدور في كواليسه وفق ما اطلعت عليه من أدبيات حتى اللحظة.
وقد جاء في نتائج بحث نشر مؤخراَ لمجموعة الباحثين بعنوان: "هل
يستطيع الواتس أب أن يواجه المعلومات المضللة بتقييد تحويل الرسائل؟" "Can WhatsApp Counter Misinformation by limiting Message Forwarding " ، أن المحتوى يمكن أن ينتشر بسرعة كبيرة من خلال
بنية شبكة المجموعات العامة "قروبات" في الواتس أب، والوصول لاحقاً إلى
المجموعات الخاصة والمستخدمين الفرديين، وقد وفرت الملاحظات التجريبية حول هذه
المجموعات في ثلاثة مناطق مختلفة (الهند، البرازيل، جنوب شرق آسيا) وسيلةً
لاستنتاج سرعة المعلومات من حيث الدقائق المتعلقة بسيناريوهات العالم الحقيقي؛ حيث
تبين أن معظم الصور (80٪) لا تدوم أكثر من يومين في محادثات الواتس أب والتي، في
الهند، يمكن أن تكون كافيةً بالفعل لإصابة نصف المستخدمين في المجموعات العامة،
على الرغم من أنه لا يزال هناك 20٪ من الرسائل ذات فترة زمنية كافية أن تكون
فيروسية في المناطق الثلاثة باستخدام أي من الاستراتيجيات لتقدير وقت الإصابة.
باستخدام نموذج SEI (Susceptible-Exposed Infected ) تم البحث في مجموعة من الأسئلة حول الحدود التي يمكن أن يفرضها
تطبيق الواتس أب في نشر المعلومات، وعلى الرغم من أن الحد من عدد المستخدمين لكل
مجموعة يمكن أن يمنع إنشاء محاور عملاقة لنشر المعلومات عبر الشبكة، إلا أن هذا
الحد غير قادر على منع وصول المحتوى إلى جزء كبير من النظام الأساسي بأكمله.
والأهم من ذلك، يوضح التحليل أن القيود المفروضة على إعادة توجيه الرسائل وبثها
(على سبيل المثال ما يصل إلى خمس جهات اتصال) توفر تأخيراً في نشر الرسالة يصل إلى
درجتين، من حيث الحجم، مقارنةً بالحد الأصلي البالغ 256 المستخدم في الإصدار الأول
من الواتس أب. ومع ذلك، لوحظ أنه اعتماداً على مدى انتشار المحتوى، فإن هذه القيود
ليست فعالة في منع وصول رسالةٍ إلى الشبكة بالكامل بسرعة، وباستغلال مثل هذه
الثغرات، قد تحاول حملات التضليل التي تقودها فرق محترفة مهتمة التأثير على
سيناريو سياسي بإنشاء محتوى مزيف مثير للقلق، وله إمكانية عالية للانتشار
الفيروسي.
وبالتالي، وكإجراء مضاد، يمكن للواتس أب تنفيذ نهج مماثل للحجر الصحي
للحد من المستخدمين المصابين لنشر المعلومات الخاطئة، عن طريق تقييد ميزات انتشار
المستخدمين والمحتوى المشتبه به مؤقتًا، لا سيما أثناء الانتخابات، ومنع الحملات
المنسقة لإغراق محادثات الواتس اب ونظامه بالمعلومات الخاطئة، وفي المقابل، علينا
نحن كمستخدمين أن نتحلى بالقدر المطلوب من الوعي، وألا نسلم بصحة كل ما نستقبله
على هواتفنا، وهو ما يحتم علينا أن نفكر ألف مرة قبل تحويل رسالة وصلتنا عبر واتس
أب.