بقلم: د. سامر أبو رمان
لطالما كان المغتربون الأردنيون رافداً مهماً من روافد الاقتصاد
الوطني، سواءً عن طريق تحويلاتهم المالية، التي بلغت عام 2019، وفقاً لبيانات
البنك المركزي الأردني، 3.7 مليار دولار، أو دورهم في تنشيط الحركة التجارية وسوق
الشقق والعقارات، والرسوم التي يدفعونها على إدخال سياراتهم إلى الأردن في أوقات
الإجازات.
وجاءت جائحة كورونا، وفرضت الحكومة مجموعة من الإجراءات المشددة لمنع
تفشي الوباء، كان من بينها وقف الحركة الجوية والبرية، ومن ثم فتح المجال لعودة
المغتربين، ضمن الخطة التي وضعتها وزارة الخارجية الأردنية بالتعاون مع خلية إدارة
أزمة كورونا، مع وضع العائدين في الحجر المؤسسي فور وصولهم.
قد يكون بعض هذه الإجراءات مبرراً، إلا أن بعضها الأخر قد أصبح
مبالغاً فيه، لا سيما بعد فك الحظر وتخفيف القيود واستئناف العمل في قطاعات الدولة
المختلفة وعلى مستوى العالم.
باتت هذه الإجراءات مؤلمة
للمغتربين الأردنيين، وهماً يضاف إلى همومهم، فهم من جهة يشعرون أن الدول التي
يقيمون فيها قد لا توفر لهم ذلك المستوى من الرعاية كما لو كانوا في الأردن وبين
أهاليهم، كما أن 35% منهم قد خسروا وظائفهم، وفقاً لاستطلاع أجراه مركز عالم
الآراء لاستطلاعات الرأي في شهر تموز/يوليو، وحتى أولئك ممن لم يخسروا وظائفهم فإن
70% منهم قد تأثرت أعمالهم أو دخولهم بسبب الجائحة، ومن بين المغتربين الأردنيين
لا يستطيع إلا 14% فقط تحمل تكاليف العودة، تذكرة السفر والحجز المؤسسي في الفنادق
وفق نفس استطلاع عالم الآراء.
وحتى من لم تتأثر دخولهم كثيراً، فقد خابت آمالهم في العودة الى الوطن
لقضاء الإجازة الصيفية، في ظل ربط الحكومة للعودة بالحجر المؤسسي، والذي يتحتم على
المحجور عليهم تحمل نفقاته، وقد تضطر بعض العائلات الى دفع مبلغ قد يصل الى خمسة
آلاف دينار قبل أن تستطيع دخول منازلها.
وها قد وصلنا الى نهاية الصيف، وما زالت هذه الإجراءات مفروضة وبشكل
مبالغ فيه ولا نظير له في دول أخرى، تسمح بدخول القادمين من الخارج دون أن تفرض
عليهم أي نوعٍ من الحجر المؤسسي أو المنزلي، والمغتربون الأردنيون لكل ما تقدم
باتوا يشعرون بمرارة شديدة، وأن الحكومة لا تعاملهم بشكل يليق بإنسانيتهم
ومواطنتهم.
إننا نتفهم النكسة التي تسببت بها بعض الأحداث بسبب عدم التزام البعض
بالإجراءات الصحية مثل حادثة سائق الخناصري، إلا أن ذلك ليس مبرراً لكل هذا
التشدد، وعلى الحكومة أن توازن بين تلبية حق المغتربين الدستوري في العودة الى
وطنهم، ومراعاة ظروفهم النفسية والاقتصادية، ومنع انتشار الوباء، عن طريق اتخاذ
إجراءات بديلة بتحري الدقة في فحص القادمين من الخارج، وتتبعهم لاحقاً عن طريق
السوار الإلكتروني.