يلوم الكثيرون منظمات الأمم المتحدة أكثر من غيرها، من الهيئات، لحل النزاعات، ولا سيما حينما تجد وكالاتها الإنسانية تنشط في جمع التبرعات لإغاثة تداعيات الصراع الكارثية في منطقتنا كما كتبت من قبل في "الأنباء" تحت عنوان" منظمات إنسانية.. صف واحد والنظرة ليست سواء!”!
ولكن ربما للأمم المتحدة رأياً أخر، بأن حل كثير من النزاعات يعتمد على الأطراف الفاعلة فيها ومنها صراعات العرب، كما بينت هذه الأسباب في صحيفة الإيكونيميست البريطانية تحت عنوان "لماذا لا تستطيع الأمم المتحدة إنهاء الحروب في العالم العربي - Why the United Nations cannot end wars in the Arab world".
كان أهمها عدم تعاون أطراف النزاع مع جهود الأمم المتحدة لتسوية النزاعات، كتجاهل الأسد للجنة إعادة صياغة الدستور السوري الأممية، وإحساس أطراف النزاع أن إقرار تسوية سلمية يعني تسليمهم بالخسارة، فالمقاتلون المعارضون للأسد، على سبيل المثال، لا يستطيعون ببساطة إلقاء أسلحتهم والعودة إلى منازلهم، فهزيمتهم تعني فنائهم!
من جهة أخرى، قد تفتقر الأمم المتحدة إلى وجود نفوذ أو قوات في مناطق النزاع، كما هي الحال في سوريا واليمن، فضلاً عن تجارب سابقة أظهرت أن الجهود الدبلوماسية حتى عند دعمها بالأسلحة غالباً ما تفشل، فالولايات المتحدة لم تستطع إحلال سلام دائم في أفغانستان أو العراق بالرغم من قوتها.
إلى جانب ذلك، لا تستطيع الأمم المتحدة وقف الدعم العسكري لأطراف النزاع، لأن الصراعات في منطقتنا ليست محلية!، ففي سوريا دعمت روسيا وإيران الأسد، على حين دعمت دول أخرى المعارضة، كما أن مجلس الأمن الدولي، الأداة الرئيسية للأمم المتحدة في إحلال السلام، قد يفشل في فرض عقوبات على الدول التي تزود أطراف النزاع بالأسلحة بسبب تمتع الدول العظمى: أمريكا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا بحق النقض.
قد تبدو الأسباب السابقة مقنعة للقول بأن نزاعات العرب تستعصي على الأمم المتحدة، لكن إمعان النظر يظهر أنه في حال النزاعات التي قد تضر بمصالح الدول الكبرى، وحريتها في الوصول الى مصادر النفط وغيره من الثروات، فإن الأمم المتحدة تتحرك بفعالية وحزم، ولا تتوانى في تفعيل الفصل السابع من ميثاقها، الذي تجيز المادة 42 منه استخدام القوة المسلحة لحفظ السلم والأمن الدولي، وربما لا تفسح المجال لأي جهود دبلوماسية قد تفلح في حل النزاعات بأقل الخسائر.