ما زالت جائحة كورونا العالمية تفرض نفسها بقوة، وفي مختلف أنحاء العالم، كموضوع رئيسي لاستطلاعات الرأي العام، إلا أن تطورات هذه الأزمة المتسارعة والمتلاحقة، ومستجداتها يوماً بعد يوم، قد أحدثت بدورها تقلبات وتغيرات في رأي الناس، بما لم تستطع بعض المراكز البحثية مواكبته!
ولو ضربنا بالولايات المتحدة كمثال، فلنا أن نشير الى التغيرات التي كشفت عنها استطلاعات الرأي في المزاج العام، ففي استطلاع غالوب ما بين 3-16 فبراير، قال 36% من الأمريكيين انهم "قلقون جداً" أو الى "حد ما" من تعرضهم أو شخص ما في عائلتهم للفيروس، كما قال 77% إنهم يثقون "جدا" أو "يثقون إلى حد ما" بقدرة الحكومة الفيدرالية على مواجهة تفشي كورونا في البلاد!
وعقب الارتفاع الكبير في عدد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا، والذي تبعه إعلان ترامب حالة الطوارئ الوطنية في 13 مارس، اظهر استطلاع غالوب ما بين 2-13 مارس، ارتفاع مستوى القلق بسبب تفشي الوباء وانخفاض مستوى الثقة بقدرة الحكومة على مواجهته، حيث قال 60% من الأمريكيين انهم "قلقون جداً" أو الى "حد ما" من تعرضهم أو شخص ما في عائلتهم للفيروس، على حين قال 61% إنهم يثقون "جدا" أو "يثقون إلى حد ما" بقدرة الحكومة الفيدرالية على مواجهة كورونا! وفي الأردن قلت نسبة تأييد الناس للإجراءات المتشددة لمواجهة الوباء حسب استطلاعات مركز عالم الآراء ما بين شهر مارس وأبريل بعدما انخفضت حالات الإصابة بشكل لافت.
لعل المثال السابق يبرر ما ذهب إليه البعض، من أن قياس الرأي العام في بيئة مضطربة تعاني من الأزمات أو الأحداث أو التغيرات، ربما يكون غير دقيق بل وحتى مسموماً، حيث تكون الاستجابات ردة فعل عاطفية تؤثر على سداد الرأي وصوابه! وهنا أذكر حينما كتبت سابقاً عن مغامرة قياس آراء الناخبين في الكويت حينما كانت تغيرات مستمرة على مستوى بداية تجريب نظام الصوت الواحد أو في خريطة المترشحين وغيرها.
ولكن بالمقابل هناك من يرى في قياس الرأي العام، وبصورة دورية، في هكذا ظروف، فرصة ذهبية لمعرفة الردود العفوية في وقتها، تماماً مثل استطلاعات خروج "إنهاء خدمات" الموظفين، والتعرف على متغيرات المزاج العام تجاه حدث ما، فقد يتبنى الناس توجهات معينة تجاه فرض حظر التجول، على سبيل المثال، حين يكون في طور الدراسة أو الاقتراح، ثم تتغير توجهاتهم بعد تطبيقه عملياً، ومن هنا كان من مواثيق قياسات الرأي العام أن تذكر تقارير الاستطلاعات متى جمعت البيانات، بغض النظر عن تاريخ نشر النتائج وربطها بالتفسير والتحليل، وذلك حتى لا نضلل الرأي العام ونحن نقيسه!