بقلم: د. عزت جرادات
قليلة تلك المراكز العربية المستقلة التي تعنى باستطلاعات الرأي أو الدراسات المستقبلية، وان وجدت فقد يكون مستوى المصداقية فيها متدنيا، وقد لا يكون القبول بنتائجها أفضل من ذلك ويرجع بعض المفكرين هذا القصور العربي إلى عدم الاهتمام بإيجاد ( خلايا فكرية)تعمل بحرية و رؤية مستقلة لترفد المؤسسات المجتمعية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بأحدث عصارات الفكر ومعطيات الإنتاج الفكري العالمي ،ويمكن ان يعزى ذلك أيضاً وبعيداً عن المفهوم السياسي، إلى العقلية الفكرية الماضوية أو النزعة التكوينية المحلية التي لا تستطيع الخروج نحو الرؤى العالمية والتفاعل مع خلاصة التوجهات والاتجاهات التي تصنع المستقبل أو ضعف الإعداد للشخصية العربية التي تؤمن بالمنهج العلمي أو الموضوعية,, فيكون النمط العاطفي هو المتفوق على الجانب العقلي أو الفكري في التحليل وتكوين الرؤية الموضوعية لأي قضية.
لقد عنيت معظم مراكز البحوث والدراسات المستقبلية في البلدان التي تعتمد النهج العلمي والتحليل العقلي والاستطلاع العلمي باستقراء اهتمامات تلك المجتمعات بالقضايا والمشكلات التي تواجهها، محليا أو عالميا لعام (2018)، واشتملت معظم القضايا الاقتصادية بالدرجة الأولى وكذلك الأمور السياسية والثقافية والمناخية وغيرها،، ويتعذر التوصل إلى إي موضوعات كهذه على مستوى عربي، ومعظم ما يتم التوصل إليه قراءات فكرية و رؤى شخصية وتحليلات للواقع باجتهادات متأثرة جغرافيا أو سياسياً بالإضافة للبعد العاطفي ومن خلال البحث في هذه المجالات، يمكن التوصل الموضوعات، التي تهم الوطن العربي وما أكثرها.
ولعل أهم ما حملته تلك (الدراسات الفردية) عن القضايا التي ستشغل العالم العربي، وتلك التي ستظل غائبة عن الاهتمامات لعام (2018) تنحصر في ثلاث قضايا ستظل في الإحداث ، وثلاث قضايا أخرى ستظل غائبة.
فالقضايا التي من المتوقع أن تظل حيّة وتشغل المتجمعات العربية، ولكن بدرجات متفاوتة تنحصر في:
النمو الاقتصادي ، حيث التفاوت العربي في الموارد الطبيعية والبشرية ، وارتفاع معدلات البطالة ومستويات الفقر العادي والمدقع او الحاد ، وتفاقم مشكلة البطالة وبخاصة للفئة العمرية (25-40) سنة.
النزاعات الحدودية، حيث الحالات المزمنة، وغياب الحلول التوافقية ، وتعمّق الاختلافات الجيوسياسية وغياب الرؤى التي تقوم على مبادئ الفهم العربي المشترك، ومقومات الروابط الثقافية والاجتماعية، واحترام المواطن العربي ومواطنته وحقه في تقرير المصير في الصراع.
قضية الصراع العربي – الصهيوني الذي كاد يتحول إلى ( صراع فلسطيني – إسرائيلي)، وأصبح الاهتمام بهذا الصراع على درجات متباينة إلى حد كبير فهو رئيسي لبعضها، وثانوي للبعض الآخر.كما خرج الحل من ( الإرادة العربية) إلى خارجها.
إما القضايا التي ستظل غائبة عن الاهتمام العربي، فانحصرت في:
الديمقراطية، حيث أصبحت تتلاشى تدريجياً من المصطلحات الإصلاحية أو الخطاب السياسي أو الاجتماعي في مختلف المجتمعات العربية، وإذا ما وردت ، فسوف تظل ( شعاراً بلا مضمون) وان كان ذلك بدرجات متفاوتة أيضا.
العدالة الاجتماعية، حيث أفرغت من مضامينها الإنسانية في مختلف النظم العربية، وارتفع حجم أولئك الذين ( لا يملكون)، وانخفض عدد أولئك الذين (يملكون) وهذا هو مقتل ( مفهوم العدالة الاجتماعية).
حقوق الإنسان ، حيث أصبح الإنسان العربي في القرن الحادي والعشرين في معزل عن منظومة هذه الحقوق وممارستها فردياً ومجتمعيا.
وأخيراً هل هذه الوصفة لعام (2018) للعالم العربي وللمواطن العربي تدفعه للتعامل معها بايجابية وبتوجهات جادّة؟