تضمنت المقالة السابقة حول قانون (قومية الدولة) الذي أصدره الكنيست الإسرائيلي، الإشارة للبنود الأشد خطراً وخطورة وتداعياتها المستقبلية، ومتابعة لذلك القانون، سياسياً وإعلامياً، فثمة عدة مؤشرات تستحق الوقوف عندها: فعلى الصعيد العربي والإسلامي كانت هناك خيبة الأمل والإحباط، فالمواقف لم تكن بمستوى، نوعاً وكماّ، يتناسب مع خطورة ذلك القانون، الذي يمكن اعتباره بالنكبة الرابعة، بعد نكبة (1948)، ونكبة الهجرة اليهودية المليونية من الاتحاد السوفيتي، ونكبة اعتراف (ترامب) بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، لم تتجاوز ردود الفعل العربية والإسلامية الرسمية، نظاماً ودولاًـ عبارات (الإدانة ووصفه بالعنصرية)، ولم تختلف عنها ردود الفعل الصادرة عن المنظمات العربية والإسلامية ذات الصفة الشعبية، وناشد (البرلمان العربي) منظمة الأمم المتحدة بوقف سريان ذلك القانون، وكانت المؤسسات الدينية، الإسلامية والمسيحية العربية، الأزهر الشريف ورابطة العالم الإسلامي، والإنجيلية اللوثرية في الأردن وفلسطين، وبطريركية القدس وفلسطين والأردن، وبطريركية القدس اللاتينية، وكانت جميعها تعبر عن رفض القانون ومناشدة المنظمات العالمية برفع صوتها وإيصاله إلى منظمة الأمم المتحدة، كقوة ضغط شعبي عالمي، والمطالبة بحماية الأسرة الدولية من عودة العنصرية (الابرتهايد) المنبوذة.
وعلى الصعيد الأوروبي، فقد عبر الاتحاد الأوروبي عن تمسكه بقوة (بحل الدولتيْن)، ورفضه أي عوائق، مهما كان مصدرها، أمام هذا الحل، ويشكل هذا القانون أكبر عقبة أمام عملية السلام.
وأما من ناحية يهودية– إسرائيلية، فقد ظهرت أصوات تندد بذلك القانون، وبدافع الدفاع عن (ديمقراطية إسرائيل)!!! فاللجنة الأمريكية اليهودية، أقدم الجمعيات التي تدافع عن إسرائيل، فقد وصفته بأنه (مخيب ومحبط)، ويرسخ مفاهيم العنصرية، ونشرت (جيروسالم بوست) مقالة ترفض: حق تقرير المصير لليهود فقط، واعتماد اللغة العبرية وتجاهل اللغة العربية، والمستوطنات كقيمة قومية، كما وصفت (هاارتيز) إن القانون يعبر عن الصراع ما بين المخيّم العنصري والمخيم الديمقراطي في إسرائيل (على حد زعم الصحيفة)، والأكثر غرابة، أن تطالب (نسيبي لفني) بأن يتضمن القانون الالتزام (بالمساواة لجميع المواطنين في إسرائيل كما جاء في وثيقة الاستقلال)، وأن يناشد مدير الشاباك السابق (عامي يالون) الرئيس الإسرائيلي (ريفليين) بعدم التوقيع (الشكلي) على القانون الذي يعزز الانقسامات بين (القبائل الإسرائيلية)!! والذي وعد بأن يوقع على القانون (بالعربية) احتجاجاً على تخفيض مكانتها!.
إزاء هذه التداعيات ردود الفعل، سواء كانت فاترة أو تقليدية: فإن الاهتمام العربي الإسلامي، على جميع المستويات، لم يكن بالمستوى لمواجهة هذه الهجمة الصهيونية على القضية الفلسطينية، وجاء الاهتمام الإعلامي العربي دون مستوى هذا الحدث الخطير، وبدأ الاهتمام بالاضمحلال إن لم يكن بالانسحاب التدريجي.
إن المصلحة الوطنية والعربية تتطلب تصعيد هذه المواجهة: سياسياً وبرلمانياً وإعلامياً ومجتمعياً، مدنياً وشعبياً، وذلك بإبقاء هذه المواجهة مستمرة، ومواصلة الضغط الشعبي على منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لاتخاذ مواقف جادة لعدم إنفاذ هذا القانون وإلغائه باعتباره قانوناً عنصرياً يرسخ الابرتهايد التي تخلصت منها الأسرة الدولية ممثلة بهاتيْن المنظمتيْن.