بقلم: د. عزت جرادات
احتفلت أكثر من مائة دولة بيوم المعلم العربي- الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري والذي أقرته اليونسكو عام (1994م) بهدف الإشادة بدور المعلم حول العالم وللحشد والتعبئة المجتمعية، الرسمية والشعبية لدعم المعلم وتمكينه من الارتقاء بالتعليم وتحسين أوضاع المعلم. وأكاد أجزم أنه لم تحدث حالة اعتداء واحدة على المعلم في تلك الدول التي تزيد على المائة، وربما تكون حالة الاعتداء التي حصلت في أحدى مدارسنا الأردنية هي الوحيدة في ذلك اليوم، مع كل أسىً وأسف.
من المألوف في هذه المناسبة أن يتمركز الحديث حول المعلم، من حيث أهميته ودوره ورسالته المثلى في إعداد الأجيال... وصناع المستقبل وقادته وهي أمور محمودة... وأظن أنها أصبحت معروفة لكل مواطن مهما كانت ثقافته، فالاحتفال بيوم المعلم، إذا ما أريد له أن يكون ذا معنى ومغزى، فهو مناسبة مجتمعية للتذكير بمكانة المعلم في المجتمع، احتراماً وتقديراً لدوره ومهمته ورسالته، وهو ما كان غائباً في الاحتفالات بيوم المعلم.
إن ما يعنينا ويهمنا، تربويين ومواطنين في الأردن، هو الإسهام الفعلي في تعزيز مكانة المعلم في المجتمع: احتراماً وتقديراً... فالمسيرة التربوية الأردنية تفخر بأولئك المعلمين الرواد الأوائل الذين تميّزوا بالإخلاص والعطاء والانتماء للتربية، وظيفة ومهنة ورسالة، فبادلهم المجتمع الأردني احتراماً وتقديراً...
ولم تكن اتجاهات ومفاهيم التأهيل التربوي قد أخذت طريقها إلى معظم النظم التربوية وبخاصة في دول العالم الثالث (آنذاك)، إلا أن ميزات (الإخلاص والعطاء والانتماء) لديهم، جعلت منهم منارات ونماذج تربوية تحظى بالاحترام والتقدير....
وتفخر المسيرة التربوية الأردنية المعاصرة بما حققه المعلم الأردني اليوم في حرصه على التفاعل مع الاتجاهات التربوية، تأهيلاً وكفايات ومهارات وقدرات، تتحدث عن ذلك انجازات المعلم وإبداعاته في التعليم النوعي، فهو لا يتحمل مسؤولية الاهتمام بالتعليم الكمي ومشكلاته وتأثيره على المستوى النوعي للتعليم...
لقد انتقل المعلم الأردني، من ذلك الذي يتملك (اللوح الأسود/ الأخضر لاحقاً والطبشورة ذات الغبار) إلى المعلم الذي يمتلك (شاشة الكومبيوتر والكيبورد)، كما انتقل من ذلك الذي يمتلك قوة المعرفة وعمقها إلى الذي يمتلك (القوة الناعمة) ليتمكن من الارتقاء بعملية التعّلم والتعليم، وإتقان أدواره المتغيرة... فهل يحظى هذا المعلم بما يستحقه من المجتمع: احتراماً وتقديراً؟
لقد تحقق للمعلم الأردني بعض المكتسبات المادية، مثل علاوة التعليم التي بدأت متواضعة بزيادة سنوية (5%) عام (1999) وتوقفت ثم اكتسب المعلم هذه العلاوة كاملة، شأنها شأن علاوات المهن الأخرى. ولكن هذه العلاوة لم تعد ملبية لحاجات المعلم مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تعانيها الطبقة الوسطى وذات الدخل المتدني...
إن (الاحترام والتقدير) المجتمعيين المنشودين للمعلم الأردني يمكن تحقيقهما من خلال: وضع خطة عشرية لعلاوة التعليم لتصل إلى (200%)، وذلك مقدور عليه ضمن رؤية وطنية للاستثمار في التعليم، ووضع (ميثاق مجتمعي) يعمم في جميع البلديات يوقع عليه جميع المواطنين باعتبار إي اعتداء على (المعلم) عملاً شائناً ومنبوذاً – كرادع اجتماعي، وتفعيل نظام مساءلة المعلم لتحفيزه لأداء دوره، عنصراً أساسياً في العملية التعليمية- التعلمية.
وبهذا يكون احتفالنا بيوم المعلم ذا معنى ومغزى....