بقلم: فادى عيد
ظاهريا جاء انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من "اتفاق باريس حول المناخ" بسبب رغبة امريكا فى التوسع بقطاع الصناعة والمحروقات والعديد من الاسباب التى تكهن بها مسؤولين من الولايات المتحدة أو خبراء دوليين، ولكن الحقيقة وراء ذلك صراع متشابك ومعقد لاقصى درجة بين أقطاب السياسة الدولية بالعالم، والكل منهم يريد الزعامة والهيمنة، ويرى أن الفرصة له، وحقيقة الامر أن الكل أمام فرص متساوية، ولكن الامر سيحسم للأذكى والاكثر سرعة فى الحسم.
وعندما نتذكر تحذير مارك ايرلوت (وزير خارجية فرنسا الاسبق) للرئيس الامريكي دونالد ترامب من عدم سعيه لتفكيك الاتحاد الاوروبي (الهدف الذى اجتمع عليه كلا من الرئيس الامريكي و نظيره الروسي ورئيسة وزراء بريطانيا) ثم أستمع الان لتعليق الرئيس الفرنسي ايمانيول ماكرون على مصافحته لترامب قائلا "ولى زمن تقديم التنازلات"، بعد تصريحاته بالمؤتمر الصحفي الذى جمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سترو بوضوح عن ماذا أتحدث.
نعم أجتماع المناخ بالعاصمة الفرنسية باريس ثم أجتماع حلف الناتو بالعاصمة البلجيكية بروكسل هو مشهد (من ضمن عشرات المشاهد اكثر أهمية من ذلك) يعكس بوضوح ذلك الصراع المتشابك والمعقد، بين سيدة اوروبا الاولى انجيلا ميركل وصبيها بباريس، والغير متوقع دونالد ترامب، وتيريزا ماي التى تسعى كي تكون المرأة الحديدية الثانية فى تاريخ المملكة، وفلاديمير بوتين الذى يسعى لضرب الجميع فى بعض.
الشرق الاوسط بكافة حروبه يعتبر أحد المرايات الهامة التى تعكس ذلك الصراع الدولي، وهو أيضا يشمل صراع معقد جدا بين كافة أطرافه بلا أستثناء، والرابح بالتأكيد سيكون الاذكي فى استغلال الفرص، والقادر على سرعة الحسم أيضا.
واذا كان انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من اتفاق "اتفاق باريس حول المناخ" بسبب رغبة قطاع الصناعة والمحروقات فى التوسع هو سبب ظاهري، أو الجزء المرئي للمشهد (كما أسميه) أيضا الخلاف الخليجي القطري بسبب دعم قطر لمعارضين لانظمة حكم الخليج، أو ايواء الارهابيين ...الخ هو سبب ظاهري بحت، وأحزن لمن يكتفي بقراءة الاحداث عبر المانشيتات والتلفزيون فقط، مثل من تركوا كل ما حضر من أوراق أمام ترامب بعد توليه الرئاسة، وصبو كل تركيزهم فى نقل السفارة الامريكية من تل أبيب للقدس، والعاقل يعلم أن مغادرة ترامب للبيت الابيض أقرب من نقل سفارته للقدس.