بقلم: فادي عيد
من المؤكد أن الجميع تخلى عن الرئيس السوداني عمر البشير سواء كان شعب أو شرطة أو جيش ... الخ، ولكن الاهم وقبل كل هولاء هو تخلى التنظيم الدولى لجماعة الاخوان المسلمون عنه، سواء الداعمين ماديا (تركيا، قطر) أو المحركين (بريطانيا)، فهم يعملوا على التخلص من كارت عمرو البشير المحروق سياسيا وجماهيريا، فصلاحيته انتهت منذ فترة لولا مراوغات البشير بالاعوام الاخيرة، والعمل على تصعيد حسن الترابي بدلا منه، أي استبدال كروت الاخوان ببعض، حزب المؤتمر الشعبي(الترابي) بدلا من حزب المؤتمر الوطني (البشير)، وعندما أدرك البشير ذلك خرج اغلب ابناء وزوجات المقربين والمسئولين من مطار الخرطوم على طائرات خاصة نحو ماليزيا ودبي وبكين أول أمس.
ماذا ينتظر السودان فى الغد ؟ هل ستنجح خطة عودة الترابي كما يريد التنظيم الدولي للجماعة ؟
كل تلك الامور سيجاب عليها فى الساعات القادمة، ويبقى المؤكد أن السودان لن يبقى كما كان.
وعلى صعيد الميدان السوري، يتسأل الجميع من أكبر الخاسرين من انسحاب الجيش الامريكي من سوريا والذى قد يتجه نحو اربيل؟
وحقيقة الامر بالميدان الخاسر الاكبر هم الاكراد كالعادة، ومن راهنوا عليهم مؤخرا بعد أن تكفلوا بدعمهم ماديا، ومن قبلهم وهذا ما نتعمد تسليط الضوء عليه بحكم عدم وضوح تلك الزاوية من المشهد، هو الرئيس الفرنسي ايمانيول ماكرون الذى سيكتشف قريبا أنه مجبرا على ملئ فراغ الامريكي، فى حال عدم اتمام خطة الخليجي فى تواجد قوة خليجية او عربية تحل مكان القوات الامريكية المنسحبة من سوريا.
وهذا أمر صعب على ماكرون بأن يعزز تواجده فى سوريا بقوات اضافية أخرى فى وقت هو يستعد فيه لاطلاق مشروع "الجيش الاوروبي الموحد"، وفى الوقت الذى تشهد بلاده حالة اضطرابات غير مسبوقة قد تحتاج لتدخل الجيش فى اي وقت.
فماكرون الان محاصرا فى باريس من السترات الصفراء وفى سوريا بالازمات، الازمات التى قد تزيد من استنزاف اقتصاده المستنزف بالاساس.
وفى حالة خروج ماكرون من سوريا على غرار ترامب، فسيخسر ماكرون أهم أوراق الحضور الفرنسي فى الشرق الاوسط، اوراق كان يناور بها الروسي، ويساوم بها الايراني، ويقارع بها التركي، التركي الذى جاء كأكبر الرابحين من قرار انسحاب الجيش الامريكي من سوريا، فالاكراد باتوا امامهم كالعراة، والاهم حالة اللطف الامريكي لاردوغان بالساعات الاخيرة، بعد ان ابلغته واشنطن بتقديم منظموات الباتريوت له والاهم هو اعادة النظر فى امر الداعية فتح الله كولن المقيم فى ولاية بنسلفانيا الامريكية.
لكن هذا لا يعني أن أمر هجوم الجيش التركي على الاكراد سهلا، واعتقد ان وزير الدفاع التركي خلوصي اكار سيتريث كثيرا قبل القدوم على مثل تلك الخطوة.
خلاصة القول ان انسحاب ترامب من سوريا هي اكبر ضربة لفرنسا التى تمردت على واشنطن فى ملف النووي الايراني، ثم اعادت احياء "مشروع الجيش الاوروبي الموحد"، وهي اخر هدية لموسكو فى عام 2018، ويكفي لترامب أن على اثر ذلك القرار تخلص من أخر وجوه الدولة العميقة بادارته بعد استقالة وزير الدفاع الامريكي جيميس ماتيس كي يحقق مكسب داخلي أخر لصالح زوج أبنته جاريد كوشنر الذى لا يبدو أنه تم تقليص نفوذه داخل البيت الابيض.