بقلم: د. أسعد عبدالرحمن
قضية الأسرى في سجون الاحتلال
الإسرائيلي من أهم مسائل الصراع مع العدو الصهيوني، وجزء أساسي من نضال حركة
التحرير الوطني الفلسطيني، وأحد تداعيات القضية الفلسطينية. وتجربة الحركة الأسيرة
رسخت لمعارك نضالية طاحنة اكتسبتها وتدافع عنها دائما، فهي التي نجحت باقتدار
بتحويل السجون إلى أكاديميات نضالية بدل أن تكون كما أراد لها المحتل كمعازل لكسر
إرادة المناضلين.
نضال الأسرى من خلف القضبان لربما لا
يمارسه من هم أمام القضبان، سواء كان طعنا كما حدث في سجن نفحة (حين طعن الأسير
يوسف طلعت المبحوح، من مخيم جباليا في قطاع غزة، أحد ضباط سجون الاحتلال) في أعقاب
الهجمة الشرسة والمستمرة على الأسرى والأسيرات خلال الأسبوع الماضي، أو انطلاقاً
نحو الحرية، كما حدث مع الأسرى الفلسطينيين الستة في الفرار من سجن جلبوع، بل –
وربما الأهم–وتوجيها سياسيا كما حدث في وثيقة الوفاق الوطني التي توصل إليها قادة
الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال في أيار/ مايو 2006، والتي صادق عليها
المجلس التشريعي الفلسطيني بالإجماع ونالت ثقة الشارع الفلسطيني، والتي لم ينجح –
للأسف – قادة الخارج في ترجمتها على الأرض، فاستمر الانقسام الفلسطيني. وهي
الوثيقة التي تضمنت خطوات عملية للحل، وقدمت نظرة شمولية ليس لتنفيذ المصالحة فقط،
بل لتحقيق النهوض الوطني أيضاً، بعيدا عن المصالح وعن النظرة الحزبية الضيقة
للأمور.
والمقارفات الإسرائيلية لا تقتصر على
الأسرى الرجال. فاليوم، تعيش عائلات الأسيرات، حالة من القلق والخوف على مصيرهن،
خاصة في ظل ما تواجهه 32 أسيرة في سجن الدامون. فلقد أكد «نادي الأسير الفلسطيني»
أن إدارة سجن الدامون «نكّلت بالأسيرات الفلسطينيات حيث وجدن الأسيرات أنفسهن أمام
حملات قمع بحقهن بشكل خاص عبر الاعتداء عليهن بالضرب المبرح والسحل، ونزع حجابهن،
ومنعهن من الزيارات، وكذلك من الاستحمام، وفرض غرامات مالية عليهن، إضافة إلى وضع
بعضهن في العزل الانفرادي».
وتعيش الأسيرات وضعا جسديا ونفسيا صعبا
يمارس عليهن من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ومعاملة قاسية، بعد رفضهن إجراءات جديدة
أعلنتها إدارة سجن دامون، ما دفعهن إلى رفض عمليات التنكيل بالطرق على الأبواب
وإرجاع وجبات الطعام ورفض قوانين السجن.
إن الممارسات الإجرامية بحق الأسيرات
والأسرى ترقى إلى مستوى جرائم دولية، وخارجة عن كل الأعراف وأحكام القانون الدولي
الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وبحسب نادي الأسير فإن: «إدارة السجون
صعّدت منذ عام 2019 من عمليات القمع وسُجلت أعنفها في سجن النقب، وعوفر وريمون في
حينه، وكانت الأشد عنفا منذ أكثر من عشر سنوات، علمًا بأنه منذ مطلع العام الجاري استمرت
إدارة السجون في تنفيذ عمليات قمع، كان آخرها بحقّ الأسيرات اللواتي واجهن عمليات
قمع متتالية على مدار أيام».
الحركة الأسيرة تواجه خطرا كبيرا حيث
تمعن سلطات الاحتلال في انتهاكاتها بعد أن تحولت سجونها إلى ساحات للقمع
والاعتداءات والقتل البطيء وأماكن للإهانة والإذلال والتعذيب الممنهج وزرع الأمراض
العديدة. فهؤلاء يعيشون في ظروف غاية في الصعوبة، تفتقد لأدنى مقومات الإنسانية،
وتشتد هذه الظروف قساوة مع دخول فصل الشتاء، وعدم تلقي العلاج اللازم والاحتياجات
الضرورية. وقد أضحت قضية الأسرى واحدة من القضايا الجوهرية التي لا تحتمل التأجيل
أو الإرجاء، مما فرض على كل مسؤول فلسطيني أن يقدم قضيتهم بشكل خاص ضمن قضايا
تقرير المصير، بما في ذلك أوضاع عائلات الأسرى بحيث تتم رعايتها، ماديا ومعنويا،
مهما بلغت التضحيات.
وفي السياق، لعل الأهم هو أخذ موضوع
«أسرى فلسطين» إلى المحافل الدولية وجعلها عنوانا رئيسا من عناوين المواجهة مع
«إسرائيل».