فلسطين
48 وفلسطين 67 لا خلاف على أنهما يمثلان فلسطين التاريخية، ففيهما شعب واحد له
مصير مشترك، وهو ما أثبتته أحداث الهبة الشعبية الأخيرة. ففلسطينيو 48 الذين يخوضون
صراعا على الوجود والهوية الفلسطينية، كانوا وما زالوا في دائرة الاستهداف
والاعتداء الإسرائيلية وهو ما عزز الهوية الوطنية لدى جيل الشباب، بما يعد تغيرا
جوهريا في مسار القضية الفلسطينية، فأطلقوا احتجاجات ضد المقارفات الإسرائيلية ضد
الشعب الفلسطيني، ونظّموا مسيرات داعمة ومناصرة لقطاع غزة وللقدس والأقصى، ومساندة
لأهالي حي الشيخ جراح الذين يتصدون لمخطط ترحيلهم وتشرديهم. وفي تحول خطير يعكس
تصعيدا في معركة الصراع على الوجود في فلسطين التاريخية، أعطت حكومة الاحتلال مع
بدء العدوان على القطاع، الضوء الأخضر لعصابات "المستوطنين" بمهاجمة
فلسطينيي 48، والاعتداء عليهم خاصة في المدن الساحلية، في محاولة لترويعهم وردعهم
عن المشاركة في الهبّة الشعبية، وسلخهم عن القضية الفلسطينية.
في
مقال نشرته "هآرتس"، مؤخرًا، تحت عنوان "نهب تحت رعاية الدولة -
المشترك بين "الكيبوتسات" و"المستوطنات"، يرى الباحثان (هني
زبيدة) و(بيني نورييلي) من قسم العلوم السياسية في كلية "عيمق يزراعيل"،
أن "المشترك بين الفئتين هو أنهما مجموعتا أقلية منزوعتا الصلاحية القانونية
تديران اقتصاد الحيز الخاضع لسيطرة دولة إسرائيل، الذي يسكنه فلسطينيون ويهود
هاجروا من الدول العربية والإسلامية، وذلك بواسطة طرق قديمة تدمج بين العنصرية
والتهميش".
ما
يواجهه فلسطينيو 48 و67 من قبل الاحتلال الصهيوني متشابه في عديد القضايا، بل لربما
تعاني فلسطين 48 أكثر وهي التي تعيش ظلم وتمييز وعنصرية المؤسسة الإسرائيلية منذ
سنوات سبقت فلسطين 67. وقد بددت الهبة الشعبية الوهم بأن فلسطينيي 48 يمكن أن
يتأسرلوا، والمعادلة الأساس لقراءة تلك الهبة أن مجتمع فلسطين 48 جزء لا يتجزأ من
الشعب الفلسطيني، والذي يبقى وجدانه متعلقا بقضاياه المصيرية.
ما
جرى أكد وحدة الكل الفلسطيني وأسس لمرحلة جديدة في التعامل مع الدولة الصهيونية،
فالتاريخ يثبت أنه لا بد للشعوب التي تخوض مسيرة التحرير والتحرر أن تدفع الثمن،
وهو الأمر الذي يعيه فلسطينيو 48. وعليه، لماذا الفصل بين فلسطين 48 وفلسطين 67
كقضية مطروحة أمام العالم؟ لماذا لا يتم التعامل معها كقضية واحدة، وهي أصلا
واحدة، ففلسطين 48 لا تزال تواجه ذات العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أيّار/ مايو
ومن قبل ذلك، والدولة الصهيونية تنظر لهم باعتبارهم جمهور خطر يندرج استهدافه ضمن
استهداف كل الشعب الفلسطيني. وعليه، لم لا نعلن أن القضية الفلسطينية واحدة وطرحها
على هذا الأساس، وأن الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية كلها بحاجة إلى حماية
دولية، ما يسمح بإعادة طرح القضية الفلسطينية بمفهوم جديد يشمل الكل الفلسطيني.
وكان
الكاتب المناضل أمير مخول قد تطرق إلى هذه الفكرة، حيث طالب في مقال بعنوان "فلسطين
في الأمم المتحدة: التوقف عند الخط الأخضر؟" من الرئيس محمود عباس، الذي
سيشارك في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر المقبل، أن يحول
خطابه إلى خطاب تاريخي بمفهوم قوة دفع للنهوض بالحالة الفلسطينية، وكتب يقول:
"المتوخى من الرئاسة الفلسطينية أن تتبنى نداء الحماية الدولية لكل الشعب
الفلسطيني، على غرار حركة النضال الفلسطيني الشعبي الواحد والذي تجاوز الحدود
الوهمية المجزّئة له، وعدم التوقف عند "الخط الأخضر" الذي لم يعد له
حضور فعلي إلا في الذهنية الفلسطينية، والذي لا يفصل سوى الشعب الفلسطيني عن ذاته
وعن وطنه".