الرئيس
الأمريكي السابق (دونالد ترامب) بادر إلى الإعلان في 22 أيار/ مايو 2020 عن انسحاب
بلاده من اتفاقية "الأجواء المفتوحة" مع روسيا، معتبراً أن الأخيرة
"تنتهك اتفاقية معاهدة ستارت"، ما يعني بداية جديدة لسباق تسلح مع روسيا
الاتحادية يصعب كبحه. وكانت الولايات المتحدة وروسيا قد توصلتا إلى معاهدة
"ستارت الجديدة" في 8 نيسان/ أبريل 2010 التي نصت على "تخفيض
الحدود القصوى للرؤوس الحربية الهجومية الاستراتيجية للبلدين بنسبة 30%، والحدود
القصوى لآليات الإطلاق الاستراتيجية بنسبة 50% بالمقارنة مع المعاهدات
السابقة". في حينه، أعادت "المعاهدة" التعاون والقيادة المشتركة
بين الولايات المتحدة وروسيا في مجال ضبط الأسلحة النووية وحققت تقدماً في
العلاقات بين البلدين فاق ما حققته معاهدة "ستارت واحد" التي انتهت
صلاحيتها في 5/12/2019.
ومع
اقتراب انقضاء أجل المعاهدة الثانية النافذة بين روسيا والولايات المتحدة بشأن
الحد من الأسلحة، سعت إدارة الرئيس الأمريكي (جو بايدن) إلى "تمديد المعاهدة
لخمس سنوات"، وهو قرار كانت صحيفة "واشنطن بوست" أول من أورده،
ويتعين اتخاذه سريعاً قبل "انقضاء أجل المعاهدة" في الخامس من شباط/
فبراير المقبل، وهو "انقضاء" ينهي جميع القيود على نشر الولايات المتحدة
وروسيا الرؤوس الحربية النووية الاستراتيجية وأنظمة إطلاقها مما قد يشعل شرارة
سباق تسلح جديد. وكان الكرملين قد سارع إلى رد التحية بأحسن منها، معلنا إلتزامه
بتمديدها "وترحيبه بجهود وعدت ببذلها إدارة بايدن للتوصل إلى اتفاق بشأن
التمديد". مما يجدر ذكره أن "المعاهدة" الراهنة ألزمت الجانبين
الأمريكي والروسي بعمليات الخفض المتبادل لترسانات الأسلحة النووية الاستراتيجية،
وتحديدا خفض عدد الرؤوس النووية إلى 1550 رأساً خلال فترة سبع سنوات، وخفض
الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات
والقاذفات الثقيلة إلى 700 وحدة خلال 10 سنوات، مع إمكان تمديد "ستارت
اثنين" لمدة 5 سنوات أخرى، بالاتفاق المتبادل بين الطرفين الموقّعين.
العلاقات
بين روسيا والحزب الديموقراطي لم تكن على ما يرام طوال حكم (ترامب)، بل إن الحزب
سعى لمقاضاة روسيا وحملة الرئيس (ترامب) ونجله وصهره وويكيليكس، بدعوى تآمرهم
لمساعدة (ترامب) في انتخابات الرئاسة عام 2016. وكان الحزب الديمقراطي أكد إن
"روسيا شنت هجومًا جريئًا على الديمقراطية الأمريكية بدءًا بهجوم إلكتروني
على أجهزة الكمبيوتر الخاصة به"، وأن "القرصنة الروسية اخترقت أنظمة
الحواسيب، والهواتف الخاصة باللجنة الوطنية الديمقراطية واستخرجت عشرات الألوف من
الوثائق والإيميلات"، وذلك في سياق تواطؤ بين روسيا وحملة (ترامب)
الانتخابية، ما ساهم في فوزه بالرئاسة على حساب مرشحة الحزب الديمقراطي (هيلاري
كلينتون).
وفي
مسعى إدارة الرئيس (بادين) لإصلاح ما يمكن إصلاحه في السياسة الخارجية، كان من
الطبيعي، كما أعلنت "واشنطن بوست"، أن تسعى إدارته لتمديد المعاهدة.
وفعلا، أعلن البيت الأبيض قبل أيام: "تعتزم الولايات المتحدة السعي لتمديد
معاهدة ستارت الجديدة لمدة 5 سنوات وهذا يصبح أكثر منطقيا عندما تكون العلاقة مع
روسيا عدائية كما الآن". وأضافت المتحدثة باسم البيت الأبيض: "الرئيس
بايدن يعتزم كذلك محاسبة روسيا على أفعالها المتهورة والعدائية".
واشنطن
تدرك أن تمديد المعاهدة يخدم الولايات المتحدة، فالإخفاق سيحد من قدرتها على
الحصول على معلومات كافية عن الصواريخ النووية بعيدة المدى الروسية، لذلك رحبت
وزارة الدفاع الأمريكية بمسعى (بايدن) "تعزيز الدفاع الوطني". وبحسب
(جون كيربي) المتحدث باسم الوزارة: "التزام روسيا بالمعاهدة يخدم مصالح أمننا
القومي بشكل جيد، والأمريكيون في أمان أكبر إذا بقيت المعاهدة من دون تغيير وسارية
المفعول، فالتمديد سيمنح البلدين الوقت والفضاء لدراسة آليات جديدة للحد من
التسلح، يمكن أن تقلل من المخاطر على الأمريكيين".