قد
يتولى المدير في أي مؤسسة أو مشروع أقل المهمات التنفيذية بين أعضاء فريق العمل! إلا
أنه في المقابل، يتكبد قدراً كبيراً من المعاناة والألم، لا يعرفه ولن يشعر به من
لم يتنقلوا في مواقع وظيفية مختلفة من المستويات الدنيا حتى العليا!
يكفي صاحب المسؤولية ما يعيشه من قلق حول ما يتعلق بمراحل العمل وتحمل
الأخطاء ومعالجتها، يكفيه القلق على نجاح المشاريع وضمان جودة المهمات التي يقوم
بها غيره، وتسليمها في المواعيد المحددة، وطبقاً للمواصفات والشروط التي تم
التعاقد عليها أو المنتظرة منه، يكفيه أنه يقف في فوهة المدفع عندما يتهاون موظف
ويخطئ آخر؛ وهو كذلك واجهة المؤسسة التي يقودها، ويمثلها ويتعاقد باسمها مع الجهات
الأخرى حتى لو فوّض آخرين!
ومن هنا فإن لمديرك الحق في التخفيف عنه، وإراحته
من متابعتك بالمهام المطلوبة منك، وعدم إزعاجه بكثرة النقاش، ويكفي معه "حديث
المصعد"”Elevator
Speech” ، لا كنوع من القدسية له ولا المجاملة ولا الرفاهية، أو
المزايا الوظيفية، بل حتى يتاح له المجال للقيام بالمهمات التي لا يتقنها غيره،
وتقديراً للعبء النفسي الكبير الذي يصاحب موقعه!
قد يقود الضغط النفسي الذي يتعرض له المسؤول-إن
لم يجد متنفساً أو عوناً- إلى عواقب وخيمة، مثل الاضطرابات القلبية المرتبطة بضغط
العمل أو القلق الكبير، والتي قد تفضي الى "الموت بسبب الإرهاق"، أو ما
يعرف في اليابانية بـ "كاروشي"، أو أن يقرر المسؤول إنهاء حياته بنفسه،
كما فعل وزير مالية ولاية هيسن الألمانية توماس شيفر بسبب قلقه القاتل من
التداعيات الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا في ذروة تفشي الوباء!
وبالمقابل على المسؤول أن يفوّض أعضاء فريق العمل
بالعديد من المهمات بما يخفف العبء عنه، ويجعلهم شركاء له في تحمل المسؤولية، وبما
يسهم كذلك في صقل مهاراتهم وقدراتهم الوظيفية، وينمي فيهم روح المبادرة والابتكار،
وأن يملك الجرأة للدفاع عنهم حينما يخطئون!
أما الموظفون، فإنهم ومن خلال مساندتهم لمديرهم ودعمه،
عليهم أن يدركوا أن كل ما يقدمونه في هذا الإطار، وإن ظهر على المدى القريب ضغطاً
إضافياً عليهم، إلا أنه على المدى البعيد سيجعلهم يطورون من أنفسهم باكتساب الخبرة
والاحتراف، ويستثمرون فيمن يتولى قيادتهم والذي يكفيه من القلق ما هو فيه!