د. فايز الربيع
المخطط الذي يجري تنفيذه لاكتمال الدائرة بين الموصل و حلب هو مخطط يرمي إلى بسط السيطرة الطائفية بين العراق و إيران ، الوقود الذي يستعر هو وقود مسلمين يقتص منهم بمراجعة تاريخية تعود جذورها إلى ابعاد سياسية كانت مسألة الخلاف حول الخلافة و أحقيتها بين علي و معاوية ، وما جرى من تقعيد مذهبي لها على مدى عشرات القرون ، دخل فيها الدين كعنصر محرك ، الهتافات تستحضر ضد الصحابة الكرام ، وكأن القتال يجري معهم ، نحن نعلم تاريخيا ً أن الصحابة أرفع و أكرم من أن يكون بينهم هذا السب و الشتم ومع ذلك أصبحت بوصلة العداء السني الشيعي حاضرة في المشهد و العقل ، دونما التفات إلى حرمة دم المسلم بل دم الإنسان ، فتاوى القتل بين الأطراف المتناحرة وصلت إلى حد القناعات بالإلغاء و الإقصاء.
دخول الدول الكبرى على الخط واضح أنه في صالح الطائفية الشيعية ، روسيا تزعمت الموقف و رجحت الكفة ، محو القرى و المدن و البلدات ، المدارس و الأطفال ، يجري بطريقة ممنهجة، وضمن مخطط الأرض المحروقة.
للموصل و حلب ، حضور في المشهد التاريخي ، من الموصل إنطلقت الجيوش الإسلامية توحيدا ً للأرض والسكان ضد الفرنجة و أتت كلها في حطين وحدة ادت إلى تغيير المشهد لصالح المسلمين، تحولت في النهاية مصر و المغرب من شيعية إلى سنية، و تحول الأزهر إلى حام ٍ للمذهب السني بعد أن كان قلعة للترويج للمذهب الشيعي ، وحلب هي الأخرى كان لها دورها في حروب الفرنجة ، تاريخها يعبق بعطر الماضي الذي اذاق الفرنجة و المغول ما أذاقهم ، و ثم صد أكبر خطرين على العالم الإسلامي الفرنجة و المغول.
المواجهه لن تكون مواجهه افراد أو جماعات أنها مواجهة تحمل طابع الدول ، و لكن الدول مختلفة حول الأولويات و منهكة من الحروب و الإنقسامات ، و خزائنها قاربت على الإفلاس من جراء الحروب الداخلية.
ماذا استفدنا من طرح المشروع الإسلامي الذي جاء في غير وقته ، و من غير أدواته الحقيقية الصحيحة و الفاعلة ، غير مزيد من الإنقسام ، الإسلام لم يرض لنا هذه الحروب التي لم تقتل غير المسلمين ، وطالت أكثر ما طالت السنة و الأبرياء ، وجاء طرحها في الوسط السني ، و تم تسليم الموصل لهم ، لتبدأ بعد ذلك حرب الإبادة و التهجير لهم ، العمائم السوداء التي اوجدت الحشد الشيعي بكل مسمياته ، ما هي أهدافها و ما هي ارتباطاتها ، و من يحركها ، الإتفاق الأمريكي ، الروسي ، و التخطيط البريطاني غير المعلن ، و الدعم الإيراني كلها في النهاية تصب ّ في خدمة المشروع الإيراني في المنطقة ، و التي بدأت كثير من الدول العربية تقترب منه ، هذه الأمة مرت بنكبات و تحديات ، ولكنها في النهاية انتصرت ، ونحن هنا في الأردن ما زلنا متوازنين ، ولم ننجر إلى النيران التي حولنا، و مهمتنا هي الحفاظ على بلدنا رغم كبر المؤامرة ، و عمق وصول أدواتها، و تناثر العرب دونما بوصلة تحدد اتجاهاتهم.
عن الرأي