حلمي الأسمر
كارهو أردوغان على فئات...
فمنهم من يرونه «وارثا» محتملا لعصر «العصملي» حيث كانت الدولة العثمانية «تحتل» أراضي العرب، وتحتل هنا كلمة مختلف عليها، وكانت مدار بحث لدى المؤرخين، فمنهم من هو مع وصف الحكم العثماني بالاحتلال، وكثير من الجهة الأخرى يرون أنه لم يكن احتلالا البتة، والقصة يطول البحث فيها، ولكن ما هو مؤكد أن من يكره أردوغان من هذه الفئة يخشون من تعاظم سلطة السلطان اردوغان، وعودة هيمنة بلاده علينا، وإعادتنا إلى عهد ذلك الحكم العثماني بكل أمراضه ومشاكله، وهؤلاء الكارهون من هذا الصنف، أعتقد أنهم يكرهون اردوغان لأسباب أخرى، وليس بسبب هذه المخاوف الكاذبة!
صنف آخر يكره أردوغان لأنه يحمل مشروعا يشكل الإسلام روحه الحقيقية، الكامنة في الأعماق، وإن كانت أدبيات حزبه لا تأتي على ذكر الدين، فهو حزب «علماني» في نظام علماني، والعلمانية يا سادة على انواع، فمنها من يعادي الدين من حيث المبدأ، ومنها من يعتبره حرية شخصية، ووضع جميع أنواع النظم العلمانية في سلة واحدة، يعادي المصطلح..
المهم..
يندرج تحت عنوان هذه الفئة من الكارهين، طيف واسع من البشر والدول، يعتقدون في المحصلة ان مشروع أردوغان يناقض مشروعاتهم، لهذا يبحثون عن أي مصوغ لرميه بشتى التهم، وأحيانا بقصد أو بغير قصد يوفر لهم اردوغان بيئة خصبة لتعميق كراهيتهم له ولنظامه، خاصة حين يتعلق الأمر ببعض التصريحات والتصرفات، وبالمحصلة فأردوغان ليس بنبي، وهو ليس منزها عن الأخطاء، ولكن العقدة هنا حين تتخذ هفواته مبررا لشيطنته وشيطنة مشروعه بالكامل!
وخارج هذين النوعين من الكارهين، ثمة قطاعات أخرى مضللة ومضللة (بفتح اللام المشددة الأولى وكسر الثانية) وهؤلاء يحملون وزر تصنيفهم للبشر، وخارج الحسبة!
-2-
أما محبوه، فمن الأتراك الذين ذهبوا اليوم لقول نعم لتعديلاته الدستورية، فهم منتفعون من المشروع الأردوغاني، فبلادهم اليوم غيرها قبل عقد من الزمان، والعاقل منهم يذهب ولو زحفا على بطنه لقول نعم للتعديلات، لأن نجاح التغييرات الدستورية هو نجاح لمشروع الكرامة والعزة والتنمية والرخاء، وانتكاستها سيصيب المشروع ببعض الوهن..
أما المحبون من خارج الأتراك، فهم يرون أردوغان ملهما وصورة لزعيم يفتقدونها في زعمائهم، وهم بالمناسبة ليسوا من الإسلاميين فحسب، بل من كل الأطياف، وهؤلاء يدركون أن التخويف من المشروع العثماني مجرد فزاعة لإخافتهم من احتلال تركيا لأرضهم(!) وهذا محض افتراء لا يمر على طفل في اللفة، وهم يعلمون أن التخويف في أصله هو من «وباء أردوغان» إن جاز التعبير، الذي يمكن أن يمتد، ويصيب بقية البلاد المجاورة بـ «المرض» واعني مرض الديمقراطية والكرامة والتنمية ونظافة اليد!
-3-
سئل أحد الناخبين ذات يوم لماذا يصوت لصالح أردوغان، وهل يصوت له لأنه يحبه أكثر من غيره؟ وأجاب الناخب قائلا: «لا. بل أصوت له، لأنه يحب بلادي أكثر مني.»!
عن الدستور