واضح منذ الان ان مشروع مدونة السلوك
النيابي المطروحة على مجلس النواب ستلقى معارضة واسعة داخل المجلس وان من يحاولون
إقرارها قد مدوا أيديهم إلى عش الدبابير.
اقتربت الحياة النيابية من إكمال خمس
وثلاثين عاما بعد انقطاعها في العام 1957 إلى العام 1989 بقانون دفاع تبدل بعده
جيل من السياسيين والحزبيين فانقطعت
الاعراف البرلمانية وتحول النائب شيئا
فشيئا إلى مندوب خدمات ووساطات لا تخرج عن إطار الدائرة الانتخابية ونيل رضا القاعدة الانتخابية ولو على حساب العدالة و تكافؤ الفرص بين المواطنين حتى ليكاد الأمر اشبه بكعكة يتخطفها القادرون
ويحرم منها الضعفاء ومن لا نائب لهم ، وبالمقابل وجدت فئة النواب الذين
يرون الموقع النيابي رقابة وتشريع، نفسها تنعزل عن الشارع وتتقلص شيئا فشيئا او
تبحث عن مخرج يزاوج بين المهمة الدستورية وبين خدمة الدائرة الانتخابية الضيقة.
النتيجة أننا لم نصنع اعرافا للسلوك
النيابي كما هي في الدول الديمقراطية فوجدنا النواب يتسابقون على أبواب الوزراء
لطلب الخدمات والوظائف الأمر الذي نال من
مكانة وهيبة المجلس واخل بقاعدة الفصل بين السلطات واضعف دور النائب الرقابي
والتشريعي معا.
ان استعادة هيبة مجلس النواب ودوره
الدستوري يبدأ من ارادة نيابية قوية بأقرار مدونة السلوك النيابي وتنفيذها ، وهذا
يحتاج إلى نواب مقاتلين من أجل استعادة ثقة الشارع بالمجلس النيابي، فليس سهلا
تغيير سلوكيات غير ديمقراطية ولا دستورية اقتربت لتكون هي الصواب بحكم الاستمرار
والصمت عنها.
مدونة السلوك النيابية ستكون وسام
شجاعة على جبين النواب والمجلس التشريعي
وستنهي المظاهر السلبية التي جعلت الفرق طفيفا بين مجلس التشريع وبين
المجلس البلدي.
المدونة تحتاج فعلا الى دعم من الكتاب والاعلاميين وهي مصلحة وطنية جوهرية
فإذا كنا نسعى إلى الإصلاح وندعو اليه ونطالب به
فإن إقرار المدونة و تطبيقها خطوة
اصلاحية كبيرة تبدأ من مجلس النواب ،. وسيكتشف السادة النواب جميعا انها لمصلحتهم
ابتداء ولمصلحة الوطن بالنتيجة.