وأنا أشاهد أحد البرامج التي تبث على
إحدى الفضائيات وتستضيف مسؤولين سابقين و رجال سياسة ومال واعمال واعلام وغيرهم،
يتحدثون فيها باسهاب وتشويق عن حب الوطن والتضحيات من اجله.
تذكرت قصة وجدتها منشورة ذات يوم ، على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي تتحدث عن أحد
المحتالين وتجار الأوطان في زمان مَــــضــــى ،
تقول القصة :-وفيها العبرة طبعا..
عندما اكتمل عدد الركاب بالقطار المتجه
من فرنسا إلى بريطانيا، كانت هناك أمرأة فرنسية تجلس بجانب رجل إنجليزى، وبعد
دقائق من الانطلاق بدأ التوتر ظاهرًا على وجه المرأة الفرنسية، فسألها الرجل لمَ أنتِ قلقة؟؟؟!!
فصمتت ثم أعاد عليها السؤال ؟؟
فقالت أحمل معى دولارات فوق المصرح به وهى عشرة آلاف دولار، واخاف أن يتم
اكتشاف الأمر عند نقطة التنفتش القادمة ..
فقال لها اقسميها بيننا.. فإذا قبضوا عليكِ أو قبضوا
علىّ نجوتِ بالنصف.. واكتبي لي عنوانك لأعيدها لك عند وصولنا لندن فقبلت واعطته
عنوانها..
عند
نقطة التفتيش الأولى تم تفتيش ركاب القطار وكانت تقف أمام الانجليزي ومرت بدون اي مشاكل .. و
هنا صاح الإنجليزي بأعلى صوته..
يا حضرة الضابط
هذه المرأة تحمل عشرة الاف نصفها عندي والنصف الآخر معها، وانا لا أخون وطني فقد تعاونت معها لأثبت لكم
حبي لبريطانيا العظمى ، وفعلا اعادوا تفتيشها مرة أخرى ووجدوا المبلغ وصادروه ،
وهنا وقف الضابط وتحدث عن الوطنية وعن
سوء التهريب وخيانة الوطن .. وشكروا الانجليزى على يقظة ضميره.. وإخلاصه لوطنه..
بعد يومين فوجئت المرأة بالانجليزى
نفسه.. يقف على بابها.. فقالت له بغضب يالوقاحتك.. وجرأتك ما الذى جاء بك إلى
هنا.. وماذا تريد؟!
ففوجئت به يناولها ظرفًا به 15 ألف
دولار.!!
وقال لها بكل برود.. هذه أموالك وزيادة
ياسيدتى!!!
وذهب وهو يبتسم لا تعجبى من أمرى يا
سيدتي .. فقد أردت إلهائهم عن حقيبتي التي بها ثلاثة ملايين دولار، فلجأتُ
لهذه الحيلة ولهذه المسرحية ..
اليوم وبعيدا عن النقد المبهم واغتيال الشخصية والتي أصبحت قطار المرحلة عند البعض
يركبها متى يَشَاءَ ، وبعيدا كذلك عن فورة الدم، وثورة الغضب التي بنتهجها البعض الاخر في النقد والافتراء والتشهير
والتشويه ..
من حق الجميع أن يدافع عن نفسه وأن
يتحدث عن الانجازات التي تحققت على يديه ذات يوم خدمتا للوطن والمواطن ، وكذلك من
حق المواطن أن يلمس هذه الإنجازات على ارض الواقع
فهو من يعيش اللحظة وما فيها ..
ومن أجل ذلك هي نصيحة بالف جمل لكل من يريد
أن يتحدث عن ذاته عبر الفضاء الشاسع ، أو يخطط لكتابة السيرة الذاتيّة له
أقولها وبصدق حارتنا ضيّقة وبنعرف بعض
كثير فلا يجوز لمن ضاعف المديونية لعشرين ضعف أن يتحدث عن الإنجازات او يكتب حتى
سطر عن ذلك.
ولا يجوز لمن باع مقدرات الوطن أن يخرج
راسه من الرمل لكي لا يلسع بنقد ابناء الوطن ومن انكوى بنار الفقر والجوع ،
ولا يجوز كذلك لمن باع وسمسر وتاجر واحتكر قوت
المواطن وتركه بين ٱلْـمِطْرَقَةِ
وَٱلـسَّنْدَانِ أن يتكلم عن الوطنية ،
ولا يحق لمن قضى نصف عمره متنقلا بين المناصب والمواقع، أن يحدثنا عن
الإصلاح والتغيير ويتعهد بمحاربة الظلم والجهل والتمييز بين أبناء الوطن الواحد أن
أعيد له الكرسي من جديد ،
الوطن يا سادة لمن لا يعرفه هو روائح
خبز الطابون ودعاء الأمهات وعرق الآباء، هو الهواء الذي نستنشقه والماء الذي
نشربه، هو كرامتنا كلما رفعنا رأسنا اعتزازا بإنجاز.
هو الصدق والانتماء وهذا محرم فهمه على
من امتصوا دماءنا وسرقوا أحلامنا ورحلوا عنا بعد أن أنتهت مدة العطاء..