يتذكر الماليزيون مهاتير محمد ولا
يتذكرون اسم الحزب الذي ينتمي اليه او التحالف الذي عمل من خلاله في العمل السياسي
منذ عام ١٩٦٩ م، وبعد فساد الحكومات، التي أعقبت استقالة مهاتير عام ٢٠٠٣ ، ووعده
بعدم عودته للسلطة، لكنه عاد في تحالف سياسي جديد ثم انفصل عن هذا التحالف عام
٢٠٢٠م على اثر اصابته بوباء كورونا، ليعود الى الانتخابات البرلمانية خلال هذا
الاسبوع ويخفق في تحقيق نجاح في دائرته الانتخابية.
الماليزيون وعلى الرغم من الانجازات
التي حققها مهاتير ودوره في بناء الدوله وتطورها كأكثر دولة اسلامية من حيث حجم
الاقتصاد ، الا انهم انفوا عودته بهذا العمر وضمن تحالفات سياسية لا تتناسب وحجم
طموحهم، وقد نجح مهاتير بعد خمسة عشر عاما من اعتزاله العمل السياسي الا انه عاد
بذات الشعار محاربة العولمة والتخفيف من نتائج الثورة الرقمية فيما يتعلق
بماليزيا، وهذا ما دفع بالتحالفات السياسية ان تتجنب طروحاته وحتى ان حلفاءه
السابقين قد ابتعدوا عنه فهذا انور ابراهيم المتورط في قضايا فساد قد قرر تناسي
الاحقاد السابقة، الا انه قبل الولوج في انتخابات كان من السهل فيها الاطاحة برجل
ماليزيا القوي مهاتير محمد الذي لا يستطيع فيها تحقيق ما يطمح اليه، وخاصة ان
العالم يسير في اتجاهات العولمة الرقمية التي تتطلب تخصصات جديدة وجيل شاب في
المطلق يحمل التطور الالكتروني وما يصاحبه من تطور اقتصادي واجتماعي وقيمي
للارتقاء بالدولة، وهذا لن يحققه رجل من القرن الماضي حتى وان كان بثقل مهاتير
محمد مهندس تحول ماليزيا من دولة فقيرة الى دولة متطورة ومن الدول العشرين، ومن
نمور اسيا بل ومن اهم الاقتصادات بعد الصين والهند ومن الاقتصادات الاسلامية
الاهم، لكن الشعب الماليزي كان واعيا باستحقاقات المرحلة القادمة.
خطأ مهاتير التاريخي انه لم يدرك ان
المرحلة القادمة يقودها الشباب، وان يعي قصة القائد الياباني ايسوروكو باماموتو.
حين اجبر الامريكان على دخول الحرب العالمية الثانية بعد انتصاره في بيرل هاربر،
وبعد الضربة النووية واستسلام اليابان ذهب الصحفيين للقائه فوجدوه معلما لطلبة
الصفوف الاولى، وعندما سُئل ما الذي يجعله يقوم على ذلك اجاب : "اني أتفرغ
لتعليم الصغار".
كان على مهاتير ان يتفرغ لإلقاء
المحاضرات في الجامعات ومراكز الدراسات داخل وخارج ماليزيا عن تجربته الناجحة في
قيادة ماليزيا.
مهاتير محمد درس لكل الذين يرون في
العمل السياسي والحزبي منصة مستمرة لطروحاتهم التي لا تقدم تطورات في النطاقات
السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولا يفسحون المجال لمن لديه القدرات على تقديم
الافضل، ولا يرون في الدماء الجديدة انها جديرة بقيادة المرحلة القادمة حتى وان
كان السن عائقا الى حد هذا العمر الذي وصل اليه مهاتير، مع اننا نحترم ما قدمه
مهاتير لماليزيا، وان تجربته جديرة بالاحترام والتقدير، ولكن لنفسح المجال لجيل
اخر يفهم الحياة من منظور متطور.