بقلم: بسام ابو النصر
تصادف هذه الايام الذكرى المئة واربع سنوات على
انطلاق الثورة العربية الكبرى كأول ثورة للعرب بمجموعهم العرقي والديني والانساني
ضد الدولة العثمانية التي آلت في عقودها الاخيرة الى العمل على التحول الطوراني
وهي القومية التي ينتمي اليها الاتراك وترك الشقيق العربي بكل اجزائه الى مصير
مجهول وهذا ما جعل الشريف الحسين بن علي امير مكة وملك العرب لاحقا التحرك بكل
الاتجاهات من اجل تحرير الحجاز واليمن وبلاد الشام والعراق وتأسيس مملكة عربية
مشرقية وقد تنادت الاحزاب والجمعيات العربية في هذه البلدان لمبايعة الملك وكان لا
بد ان يقوم الشريف بالاتصال بالانجليز الذين كانوا في طرف الحلفاء في حين وقفت
الدولة العثمانية الى جانب المانيا وباقي دول المحور وكان لا بد ان يقف الشريف الى
جانب احد الطرفين لانجاز المشروع العربي.
الانجليز كانوا يتحدثون مع اطراف اخرى
للموافقة على وعد بلفور واعطاء وطن قومي لليهود الذي رفضه الشريف رفضا قاطعا بعد
ان رفض طلب الصدر الاعظم العثماني عندما طلب اليه المشاركة بالحرب العالمية الاولى
الى جانب المانيا واجابه الشريف بان هناك خطورة شديدة واجابه الصدر الاعظم بانها
ورقة نرميها على طاولة الميسر فقال له «أبالامة تقامرون؟»، مواقف الشريف جنبت
الامة من ان تكون وقودا للحرب ولكن لم يستطيع ان يوقف بلفور وتخلى عنه الجميع وهو
يدافع عن فلسطين وكان الضحية عندما قام الانجليز بنفيه الى قبرص، ولن ياتي على
الممالك التي تأسست على انقاض مملكة العرب التي كان الشريف اول واخر ملوكها وبقيت
مساجد الحجاز والشام والعراق تصدح بالدعاء للخليفة حتى قام الاتراك الطوارنيون
بانفسهم بالغاء الخلافة عام 1925.
ولا بد في هذا السياق على ذكر الترابط التاريخي
بين الشام والجزيرة العربية الذي أسس لها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقبله جده
ابراهيم عليه السلام من هذه التوأمة التي شهدت أعادة اعمار الكعبة من انبياء الشام
ابراهيم واسماعيل عليهما السلام، والتجارة التي جعلت الحجاز موطن الشاميين في
الجزيرة واليمن الجناح الايمن حين كانت الشام الجناح الايسر وهما بلهجة الحجازيين
القديمة الشمال واليمين ( الشام واليمن ) من منطلق الحديث النبوي « اللهم بارك لنا
في شامنا وفي يمننا « وهذا ما نهجه الحسين بن علي ان يقيم مملكته على اقاليم الشرق
التي نالها هذا الترابط منذ الخروج الابراهيمي من العراق اتجاه الشام ثم الى
الحجاز حتى قوافل التجارة الحجازية التي كانت تجوب الشام واليمن وهذا ما يجعل
الترابط تاريخيا وعرقيا فالجدود تناقلت قوافلهم وخيولهم لتحرير هذه الارض عندما
يصيبها معتدٍ او عندما تصير القيم غير القيم التي تتفق عليها امتنا مع امة سادت
عليها تحت مظلة الدين والايمان ويكتب للعثمانيين نشر الاسلام في اوروبا وقيادة دفة
الدوله الاسلامية ولكن ما ان تراجعت وتضعضعت صار لزاما على القريشيين من العرب ان
يستعيدوا الخلافة وتعود لهذا البيت العربي كما كانت في عهد الراشدين والامويين
والعباسيين، وقد كتب لنا في الاردن ان نرث هذه الدولة العربية التي تأسست على قيم
العروبة والاسلام وتأسس الجيش العربي امتدادا من جيش المملكة العربية الذي دحر
الاتراك الطوارنيين الذين انهوا الخلافة العثمانية التي صارت تنادي بتتريك اللغة
وتنادي الى فصل الامتين العربية والتركية.
نحتفل في الاردن اليوم بعيد الجيش
العربي في ذات اليوم الذي انطلقت فيه الثورة العربية الكبرى ليكون منطلقا لحمل
هوية الفتح ذاتها التي حملها الاجداد ولتكن صاحبة الولاية في اعادة الارض التي
احتلها الغزاة بمظلة بلفور الذي كان سببا في ضياع فلسطين وضياع المملكة العربية
التي اسسها الحسين بن علي ونُفي بسبب رفضه الشديد لهذا الوعد المشؤوم، ورحم الله
الشريف الحسين وكل ابنائه الذين اعادوا بناء الانسان العربي المشرقي برقي واخلاق
جدهم محمد صلى الله عليه وسلم.