بقلم: م. مدحت الخطيب
كان على مدخل بيتنا شجرة تفاح ما زلت
اذكر كل ما فيها تقع على الجهة الشمالية المحاذي الى سور (المقبرة )، حباتها كحبات
عقد اللؤلؤ ، وطعمها طيب عذب ،
ولونها ناصع يسر الناظرين ، وانتاجها كان
يكفينا ويكفي (مرارين الطريق).
ذات يوم
شاهدها احد المشاهير في تركيب الشجر وقال مش حرام هاي التفاحة ما تكون بكل
بيت من بيوت القرية والقرى المجاورة ،هاي كل غصن منها بألف شجرة ،السنة القادمة
بدي أطّعم بستاني منها، ولمن لا يعرف ماذا يقصد (بتطعيم الشجر) فهو أحد أشكال التكاثر اللاجنسي الذي ينتج
نباتًا مطابقًا وراثيًا للنبات الأم. ونظرًا لأن أشجار التفاح لا تنمو بشكل صحيح
بحيث تتنوع من البذور، فيجب إعادة إنتاجها بلا تزاوج لتوليد شجرة أخرى من نفس
الجينات ..
هذا العمل يقوم به متخصص بالتراكيب
والنقل بطريقة فنية متخصصة، وبعد ان ينهي
عمليته المعقدة يقوم بلف مكان الزراعة بقطعة شاش كما لو أنه قام بزراعة قلب ، وفي
الموسم اللاحق فعلا تلاحظ نجاح عملية نقل التركيبة او فشلها لا قدر الله وهذا
يتوقف على مهارة المُركٍّب بالغالب حتى وان عاندته الظروف.
قبل يومين إلتقيت بصديق يعمل في دولة
الامارات ودار بيننا حديث مطول عن الكفاءات الأردنية التي بنت وشيدت وطورت هذه
الدولة لتصبح على ما هي عليه الان، مهندسين واطباء ومعلمين وخبراء تجدهم في كل
مكان هناك، عندها خطر ببالي قصة التطعيم البشري التي ومع اسفي لا تمتلكها الكثير
من الحكومات، بصدق أخجل عندما اجد وزير او مسؤول كبير يتحدث عن انجازات تحققت في
عهده وهي بالحقيقة سراب لا واقع لها ولا مكان.
كم تمنيت لو أننا ننجح بنقل تركيبة من
وزير اقتصاد في سنغافورة مثلا وهذا التطور الكبير لبلد كان يعاني اقتصاديا الى
وزير أردني.
كم تمنيت أن ننقل تركيبة من وزير
الطاقة الامريكي الى وزير الطاقة الاردني
مثلا، ونتعلم كيف يُخزنون النفط لعشرات
السنوات مستفيدين من شرائه بأسعار منخفضة وان لا يحدث بنا الارباك الذي اصبح سيد الموقف كل اخر شهر
وقصة لجنة تسعير المحروقات التي لا تنتهي ..
كم تمنيت أن ننقل تركيبة من وزير الصحة
الياباني الى وزير الصحة ألاردني.. وكيف
يُعامل المريض هناك وكيف يشخص في ثوان معدودة ويكون ملفه الطبي جاهز امامه دون تعب
او تأخير.
كنت اتمنى على الاقل ان لم نبحث عن
نجاحات الاخرين ونجتهد للقيام بمثلها على الاقل ان لا نطفش العقول والسواعد
والخبرات الاردنية التي تستحق الاحترام
والتقدير ولها بصمات تحترم في كل العالم وهذا اضعف الايمان، صدقوني هذا الوطن لم يأتي من العدم،
بل من جهود الخيرين وما اكثرهم، هذا
الوطن بريء لم يشهد زوراً ولكن
ضعاف النفوس شَهِدوا بالزُّور عليه