أكثر الناس اليوم يقولون ليس في الامة رجال ، والحق أن هذا الترنَّح
والترامي خلف هذا القول على إطلاقه ليس بصواب ، فإن الامة لم تعدم رجالاً يصلحون
لإدارة الامور بل هؤلاء في الامة موجودين وعما قريب سيكثرون . ليس هذا بالخيال
فإنا أمة لا ينقصنا العدد وهو الركن الأعظم، ومتى كثر في الامة الصالحون للأخذ
بإسباب الحياة على نسبة العصر كان النجاح مأمولاً، وهذا هو الذي يأتي على يد أولئك
الرجال .
أما ما يشكوه الناس اليوم من قلة الصالحين لإدارة الامور فلا يخلو من
المبالغة وطلب الكمال الذي لا ينال، ولا تعدم الامم من حيث مجموعها وجود أمثال
أولئك الرجال في مجلس الأعيان متمثلة برئيسها دولة فيصل الفايز، ووجودهم أضمن
لسلامة القوانين والمقررات من الخطأ ، وقد يكون أسدَّ لمنافذ الاستبداد وأقطع
لذرائع الغرور . نعم اولئك الرجال هُم الذين تعوزهم الامة وهم الذين يستطيعون ترتيبها
ويجعلون محبتها للمجد والقوة والتكاتف أضعافاً مضاعفة ، بيد أن علومهم من التجارب
وافرة وحظهم من العلم بالسياسة عظيم، فلذلك تمس الحاجة إلى علومهم في عصرنا وبعبارة
مختصرة يمكنك أن تقول أن الاعيان اليوم هُم من الذين قد أعلى شأنهم بالرتب
والوظائف وهم قسم عظيم من رجال اليوم من حيث تشكيل الدولة وتمشية الامور عندما يجد
الامر وتطلب المعلومات الواسعة والرؤية الوافرة والتجارب الكبيرة والشهرة الكافية
وسعة المعارف وفضل الاستعداد للأزمات.
أنا لا أريد بهذا إنتصاراً للأعيان الموجودين، ولكني أريد به وصف ما
نحن عليه اليوم بالجملة ، وينبغي أن نعترف بإن مجلس الأعيان من رجال اليوم كما
أنهم من رجال الامس يفكرون قبل كل شيء بصلاح المملكة ونهوضها لما يمتلكون من
القابلية الفطرية والشجاعة والإخلاص وعلو الهمه وحسن الصيت؛ وأنا أقول والحكم لكم
أيها القراء الكرام أن هذه الطبقة التي منها الاعيان فيها رجال ممن تعوزهم الامة
لجسام امورها والنهوض بها من حال الى حال أسوة في المكارم والمعالي وقدوة في
الاعمال العظيمة مفاخرين بهم الامم.