يؤكد خبراء العلاقات الدولية أن الحرب
الباردة بين الولايات المتحدة والصين دخلت بالفعل مرحلة جديدة تتخطى التعامل
الدبلوماسي الحذر إلى الصراع المفتوح على كافة الاحتمالات. وتسعى الولايات المتحدة
إلى بناء تحالف جديد يضم شبكة من البلدان. هذا التحالف الذي يضم استراليا،
واليابان، والولايات المتحدة، والهند وبالفعل كان هذا التحالف موجود منذ أكثر من
عقد من الزمان، لكن واشنطن التفتت إليه في السنوات الأخيرة، مع اشتداد التنافس
بينها وبين الصين. وكان الاشتباك العام الماضي بين القوات الهندية والصينية على
طول حدودهما المتنازع عليها في جبال الهيمالايا هو الأكثر دموية منذ أكثر من خمسة
عقود، ووفر فرصة إضافية لواشنطن للتقرب من نيودلهي.
كما عبَّر الأمين العام لحلف شمال
الأطلسي (الناتو)، ينس ستولتنبيرغ عن قلق بالغ، عندما قال إن الصين "تقترب
(منا) في الفضاء السيبراني، ونراهم بالقطب الشمالي، وفي إفريقيا، ونراهم يستثمرون
في بنيتنا التحتية الأساسية"، وكانت تلك هي نهاية ذلك الزمن الذي كانت فيه
عبارة "صُنِع في الصين" تُطلَق باعتبارها مزحة. ثم كرر ستولتنبرغ،
التحذير خلال اجتماع للناتو الذي عقد في بروكسل مؤخرا أنه يتعيَّن على حلف الناتو
أن يوحِّد قواه مع الدول الصديقة في جميع أنحاء العالم لمواجهة القوة المتنامية
للصين، في الوقت الذي توحِّد فيه الدول الغربية صفوفها ضد بكين.
كما انضمَّ الاتحاد الأوروبي وبريطانيا
وكندا للرقابة الأمريكية على انتهاكات الصين في شينجيانغ بفرض عقوبات، وذلك في أول
تحرك غربي منسق ضد بكين، في ظل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بسبب انتهاكات
حقوق الإنسان في شينجيانغ. وقد تناغمت بيانات استراليا ونيوزيلندا في إدانتها
ممارسات بكين.
بينما ردت بكين فورًا بإجراءات عقابية
ضد الاتحاد الأوروبي، بدت أوسع نطاقاً، فأدرجت على القائمة السوداء مشرعين
ودبلوماسيين أوروبيين ومراكز أبحاث، ومنعت شركاتهم من التجارة مع الصين.
كما زار وزير الخارجية الروسي، سيرجي
لافروف، مؤخرا حيث حثَّ الصين على توحيد الجهود من أجل تفكيك قبضة الدولار
الأمريكي على نظام المدفوعات الدولي الذي يسمح بفرض عقوباتٍ أمريكية. وقال لافروف
"إن الولايات المتحدة كانت تعتمد على التحالفات العسكرية السياسية في حقبة
الحربة الباردة".
ويتضح مما سبق النتائج المحتملة عن
المنافسة بين أمريكا والصين مفتوحة على كل الاحتمالات وتتأرجح بين مآلات عدة: من
تنازل الولايات المتحدة عن نفوذها للصين، أو توافق متبادل، ومن انهيار صيني، إلى
صراع عالمي مدمر. ومع ذلك، إذا كان الهدف من المنافسة بين أمريكا والصين هو تأمين
سلام يقوم على أسس أرسخ بوسائل غير الحرب، فإن السؤال المحوري في هذا السياق هو ما
إذا كانت الولايات المتحدة تستطيع بلوغ هذه النتيجة عن طريق تغيير تصورات القادة
الصينيين -إقناعهم بأن التوسع وتعظيم النفوذ على هذا النحو أمرٌ لا طائل من ورائه-
أو ما إذا كان الأمر سيتطلب العمل على انهيار القوة الصينية، أو إسقاط الحزب
الشيوعي الصيني.
[email protected]