الحرب التي شنتها اسرائيل على غزة في
رمضان الماضي ليست الحرب الاولى فقد سبق لغزة ان واجهت ثلاثة حروب شنها الاحتلال
ضد القطاع " 2008 ،2012 ، 2014" وكانت غزة تخرج من كل منها بعزم اقوى
وبخبرة اكبر وتراكم بين الجولة والجولة عملا تنجز الفصائل الفلسطينية معه المزيد
من التحصينات والسلاح والتنظيم والادارة الاكثر تقدما ونوعا .
لكن ما يمز هذه الحرب الاخيرة انها لم
تكن مجرد رد على عدوان عسكري اسرائيلي بل
كانت ردا على المسار الذي شهدته الساحة الفلسطينية والعربية في نصف القرن
الماضي وعلى كل ما سببته تلك الحقبة من تهميش وتحطيم في عناصر قوة القضية
الفلسطينية والصراع العربي – الاسرائيلي .. ويمكن تحديد اهم الانجازات التي حققتها
الحرب الاخيرة .
- كشف زيف معادلة التفاوض السلمي كخيار
وحيد لحل القضية الفلسطينية وهي المعادلة
التي اسست لكل مسار المفاوضات بين السلطة الفلسطينية واسرائيل وادت الى
ابتلاع الاحتلال معظم الاراضي المحتلة عام 1967 واعلان القدس عاصمة لاسرائيل
وتهويد الاراضي المحتلة عام 1948 وقطع الطريق عن اي كلام عن حق العودة وهذه
النتيجة تؤكد على ضرورة ابقاء خيار المقاومة مطروحا لاستعاده الحقوق الفلسطينية
المتمثلة بانهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .
- إعادة ترميم وتوحيد ساحات الشعب
الفلسطيني فهذا التشابك والتفاعل بين مختلف الساحات الفلسطينية مع ما حدث في الشيخ
جراح والقدس والمقاومة المسلحة في غزة لم يكن على هذا المستوى من التكامل
والاندفاع في اي حرب سابقة .
- تهشيم صورة اسرائيل كضحية وكدولة
ديمقراطية فاسرائيل برعت في استخدام المنابر الثقافية والاعلامية والدبلوماسية
والاكاديمية لتقديم نفسها الى العالم بوصفها الضحية سواء ضحية الهولوكوست من جهة
التي نجحت اسرائيل في صناعة سريدة مضخمة الى حد الخرافة حولها جعلت منها قضية خارج
اي شك او نقاش او ضحية العنف والتهديد الارهابي الفلسطيني والعربي والاسلامي لها
من جهة اخرى وقوفها الدائم موقف الدفاع عن النفس في وجه هذا التهديد ولكن في الحرب
الاخيرة مع افراط اسرائيل في استهداف المدنيين وافراطها في قمع المتظاهرين في
مختلف مناطق الـ 67 والـ 48 وتهديد المواطنين الفلسطينيين في القدس بطردهم من
احيائهم وبيوتهم كل ذلك اسهم في احداث تمزقات في الصورة المزيفة التي تقدميها
اسرائيل عن نفسها بوصفها الضحية ودولة ديمقراطية .
- نقل الحرب الى عمق اسرائيل وبالتالي
انكشاف امن اسرائيل مجتمعيا ومؤسسات وبنى تحتية اذ لم تعد اسرائيل قادرة على خوض
اي حرب في ارض الخصم فقط بفضل تطور القدرة الصاروخية لدى المقاومة الى الحد بات يهدد
بامكان استهداف اية منطقة جغرافية داخل اسرائيل .
- كشف بعض نقاط ضعف الجيش الاسرائيلي
وافتقاره الى المعلومات وضعف بنك الاهداف العسكرية لديه عن الفصائل الفلسطينية في
غزة وعدم تجرئه على خوض غمار حرب برية .
- توجيه ضربة قوية لخيار التطبيع فكل
الاجواء التي كات سائدة في المنطقة في السنوات الماضية التي كانت توحي بان المناخ
العام في المجتمعات العربية لم يعد يكترث للقضية الفلسطينية وان هذه القضية لم تعد
تمثل القضية المركزية بالنسبة للعرب .
- اعادة تحريك الشارع العربي ما حدث في
القدس وما تبعه من حرب على غزة دفاعا عن القدس والاقصى اعاد تحريك المشاعر العربية
والحس الجماهيري المتعاطف مع القضايا العربية المركزية وعلى رأسها القضية
الفلسطينية والقدس لما تحمله من رمزية دينية وقومية .
- خروج بنيامين نتنياهو من رئاسة
الحكومة الاسرائيلية والتي استمرت 12 عاما متواصلة لما حققت هذه الحرب من نتائج
عجلت من خروج نتنياهو من الحكومة .