شغور موقع رئيس أي جامعة اردنية يفتح شهية
الكثير من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الأردنية، فرئيس الجامعات يحظى
بامتيازات كثيرة يطمح الكثير من أعضاء هيئة التدريس بالحصول عليها. ولقناعاتي
ومعرفتي بما يجري في الصالونات المغلقة، فاني لن اتحدث عن الأسس والمعايير ا
المعلنة او المخفية لتي قد تتبعها وزارة التعليم العالي او اللجنة التي قد تشكل
لاختيار رئيس الجامعة الجديد.
ولكني سأتحدث عن موضوع يثار من قبل نسبة لا باس
بها من أعضاء هيئة التدريس، من أبناء أي جامعة قد يشغر موقع رئيسها، او الجامعات
الأخرى التي يطمح أعضاء هيئة التدريس فيها بالوصول الى كرسي الرئاسة. والسؤال مثار
الجدل يكون، هل من الأفضل ان يتم اختيار رئيس الجامعة من الأساتذة أبناء الجامعة
ام يؤتى برئيس من خارج الجامعة؟
ولان لكل أصحاب توجه، وجهة نظر يعتقدون انه
الاصوب، فقد أحببت ان أقف عند هذا الموضوع، محاولا ان أقدم ما قد يرجح كفة على
كفة. وهنا لا بد من الإشارة الى ان الكثير من رؤساء الجامعات الأردنية في السابق
كانوا يأتون من خارج الجامعة التي تسند إليهم رئاستها، وقد يكون لذلك أسباب منها
ما قد يتعلق بقلة عدد الأساتذة الذين كانوا في الجامعات الأردنية مع بدايات تأسيس
الجامعات الأردنية، فقد كانت الجامعات قليلة العدد، وكان معظم أعضاء هيئة التدريس
فيها من الأساتذة الجدد، او من الذين كانوا لا يحملون درجة الاستاذية، والذي هو
شرط رئيس في اختيار أي رئيس لأي جامعة، إضافة لقلة الخبرة لدى أعضاء هيئة التدريس
آنذاك في الإدارات الجامعية. فكان يؤتى برؤساء الجامعات من الجامعة الأردنية،
باعتبارها اولى الجامعات الأردنية، او من الأساتذة الأردنيين في الجامعات العربية
او الجامعات غير العربية. ولم يكن موضوع مكان عمل رئيس الجامعة السابق او
الجامعة التي جاء منها يشكل جدلا لدى أساتذة الجامعات بشكل عام وان ظهر فانه يظهر
في إطار ضيق غير معلن.
اليوم ومع اقتراب اختيار رئيس جديد للجامعة
الهاشمية خلفا للأستاذ الدكتور كمال بني هاني رئيس الجامعة، تعود فكرة ان يكون
رئيس الجامعة من أبناء الجامعة ا الى الواجهة من جديد، مدعمة من مناصريها بحقيقة
وجود قامات علمية من أبناء الجامعة الهاشمية، قادرة على إدارة الجامعة بكل كفاءة
واقتدار-وهو امر لا شكل فيه-.
ان يكون رئيس الجامعة من أبناء الجامعة ذاتها فيه
إيجابيات كثيرة، وان يكون رئيس الجامعة من خارج أبناء الجامعة فيه إيجابيات كثيرة
ايضا، فالرئيس القادم من داخل الجامعة، يعرف الجامعة، ويعرف الكثير عنها، كما يقول
أصحاب هذا الراي، بينما قد لا يعرف الرئيس القادم من خارج الجامعة شيئا عن الجامعة،
وربما يحتاج لأشهر حتى يعرف نصف او ربع ما قد يعرفه الرئيس الذي قد يكون من أبناء
الجامعة. كما ان الرئيس من أبناء
الجامعة، وكما يقول أصحاب هذه الفكرة حريص على جامعته أكثر من الرئيس الذي قد يأتي
من خارج الجامعة، والذي يعتبر البعض رئاسته منصبا فخريا مؤقتا، يحرص خلاله على
تحقيق مصالحه الشخصية، ويبتعد عن معالجة القضايا المهمة والحاسمة في الجامعة،
لاعتقاده انه سيخدم مدة أربع سنوات ويرحل بعدها عائدا لجامعته الام، ما يجعل البعض
ينظر الى اداراته وقراراته بانها (الإدارة بالستيرة) أي ان جل اهتمامه ان تنقضي
مدة رئاسته بدون مشاكل. ويرى أصحاب فكرة ان يكون رئيس الجامعة من خارج الجامعة، ان
قدوم رئيس من خارج الجامعة، يجعل من شخص الرئيس محايدا وعادلا، بعكس رئيس الجامعة
القادم من داخل الجامعة، والذي غالبا ما تتأثر قراراته بعلاقته الشخصية، ومصالحه
ومصالح أصدقائه، كما ويعتقد أصحاب هذا التوجه ان خبرة الرئيس القادم من داخل
الجامعة وعلاقاته مع أعضاء الهيئتين الإدارية والتدريسية في الجامعة تتأثر بخبراته
السابقة التي قضاها في الجامعة، فيتحول من رئيس يهدف للنهوض بالجامعة الى رئيس
يصفي حساباته مع العاملين في الجامعة.
ويعتقد أنصار فكرة ان يكون رئيس الجامعة من
خارجها كذلك، ان الرئيس القادم من خارج الجامعة أقدر على توحيد جهود أعضاء
الهيئتين الإدارية والتدريسية من الرئيس القادم من داخل الجامعة، لان هدفه الرئيس
سيكون الارتقاء بالجامعة ومنسوبيها بعيدا عن أي مصالح شخصية وعشائرية قد يحاول
الرئيس القادم من داخل الجامعة، ان يسعى لتحقيقها بإعطاء امتيازات لبعض موظفي
الجامعة وترقيتهم في المواقع الإدارية والأكاديمية ليكونوا درعا لحمايته في
المستقبل، ولتحقيق مصالح الرئيس وأصدقائه بعد ان يغادر كرسي الرئاسة.
وبين هذه وتلك، سيستمر الجدل حول هذا الموضوع كما
اعتقد الى عقود طويلة، ما لم يكن هناك اليات موضوعية وعلمية صادقة تدفع بالأفضل
والاجدر حقا الى كرسي رئاسة أي جامعة، بعيدا عن حسابات الجغرافيا والتاريخ وعن
المحاصصات العشائرية التي نعاني من تباعاتها ليس فقط في اختياراتنا لموقع رئيس
الجامعة لا بل في مختلف ميادين حياتنا.
جامعة مؤتة- كلية التربية