الجامعات ومثلها
المدارس او أي مكان اخر للعمل، يمكن ان تظهر فيه مؤشرات او سلوكات يمكن ان نسيمها
التنمر الأكاديمي، والذي يعني ببساطة محاولة شخص او اشخاص التسبب بإيذاء شخص او
مجموعة من الأشخاص من اجل السيطرة عليهم او حرمانهم من تحقيق مصالحهم وحقوقهم
المشروعة. وقد يكون التنمر لفظيا، بالتقليل من شان الشخص او المجموعة، او بدنيا
بالضرب ونحوه، او بالتهديد والوعيد لثني الشخص او مجموعة من الأشخاص عن السعي
لتحقيق مصالحهم او حقوقهم، او بكل تلك الوسائل.
وسأتحدث بشكل خاص عن التنمر الأكاديمي الذي يحدث في
أوساط الأساتذة الجامعيين، وصوره التي تنتشر في الجسم الأكاديمي في الجامعات
الأردنية عامة.
ولمن لا يعلم عن
واقع أساتذة الجامعات ولا يمكن ان يتصور اشكال التنمر الاكاديمي وصوره، أقول ان
أساتذة الجامعات يقسمون من حيث الرتبة الاكاديمية الى ثلاث رتب، الأستاذ المساعد،
الأستاذ المشارك، والأستاذ، وهي اعلى مرتبة اكاديمية يصل اليها عضو هيئة التدريس
في الجامعة. ويحتاج كل عضو هيئة تدريس الى قضاء حوالي خمس سنوات في كل رتبة
اكاديمية، إضافة الى نشر أبحاث علمية في مجلات علمية، قبل طلب الأستاذ الانتقال من
رتبة علمية الى رتبة اعلى. وفي كل مرحلة من هذه المراحل، ينبغي على الأستاذ طالب
الترقية او التحويل من فئة الى فئة، الى قرار من مجلس القسم الذي ينتمي اليه،
مشفوعا براي استاذين على الأقل، اعلى رتبة من رتبة الأستاذ طالب الترقية، لتسير
إجراءات ترقيته وفق الأصول. كما ان طلب الترقية يحتاج الى توصية من مجلس الكلية،
ومشفوعا كذلك براي استاذين اعلى رتبة
من رتبة طالب الترقية، إضافة الى تقييم رئيس القسم وعميد الكلية لصاحب الترقية بتقرير يسمى سري ومكتوم، وبعد ذلك يرفع الطلب الى ما يمسى بلجنة التعيين
والترقية، ومرورا قبل ذلك بأمانة سر المجالس، والتي تراجع الطلب وتتأكد من استفاء
الشروط، والذي يتألف من مجموعة من الأساتذة قد يصل عددهم الى خمسة او اكثر ويراس
هذه اللجنة رئيس الجامعة، وبعد ذلك وبعد ورود تقارير تقييم اعمال طالب الترقية الى لجنة التعيين والترقية،
حيث تتخذ اللجنة قرارا، ثم تعرض القرار
على مجلس العمداء، والذي يتألف من جميع عمداء الكليات في الجامعة إضافة الى نواب
رئيس الجامعة والرئيس.
كل هذه المراحل
والإجراءات تجعل اغلب أعضاء هيئة التدريس، وفي مرحلة ما من مراحل عملهم، قد
يتعرضون للتنمر الأكاديمي سواء على مستوى القسم او الكلية او على مستوى الجامعة،
او على كل هذه المستويات. رئيس الجامعة قد يمارس تنمرا على أعضاء هيئة التدريس
والعميد، ورئيس الجامعة كذلك، قد يمارس التنمر على أعضاء هيئة التدريس من خلال
الضغط عليهم فيما يتعلق بترقياتهم سواء اكان ذلك بصورة مباشرة او غير مباشرة.
كما وقد يمارس
بعض أعضاء هيئة التدريس المقربون من رئيس الجامعة او عميد الكلية او رئيس القسم،
التنمر كذلك على أعضاء هيئة التدريس، وذلك بالاستئثار بأعمال اللجان او المشاركة
في المؤتمرات او الاشراف والمناقشة على طلبة الدراسات العليا وغيرها من اشكال
التنمر.
وقد يمارس عمداء
الكليات شكلا اخر من اشكال التنمر، يتمثل باختيار رؤساء اقسام من المحسوبين عليهم
او وفقا لمصالحهم الشخصية، وذات الشيء قد يمارسه رئيس الجامعة، والذي قد يتنمر على
أعضاء هيئة التدريس باختيار نواب رئيس وعمداء وفقا لمصالحة الشخصية كذلك، ودونما
اي خشية من عضو هيئة التدريس على اعتبار ان رئيس الجامعة ونوابه والعمداء قد يقفون
عائقا امام ترقية عضو هيئة التدريس الذي لا يرضى الرئيس عنه او قد يناكف الرئيس او
العميد، من اجل تحقيق مصالح خاصة للرئيس او لأعضاء هيئة تدريس محسوبين على الرئيس.
صحيح ان البعض
قد يغلف مثل هذه الإجراءات بإعطاء الفرص لبعض أعضاء هيئة التدريس والتنوع وضبط
العملية الاكاديمية وتوجيهها الوجهة الصحيحة، وهو ما قد يبدوا صحيحا، ولكنه في
الوقت ذاته تنمرا، يمارسه أعضاء هيئة تدريس بحق مجموعة من زملائهم دون وجه حق، لا
لسبب الا لعدم انسجامهم مع أفكارهم واختلافهم معهم في بعض الآراء.
مطلوب من وزارة
التعليم العالي ان تتنبه الى مثل هذه الممارسات خاصة عندما يتعلق الامر باختيار
العمداء ونواب الرئيس، ومطلوب من إدارات الجامعات، وعلى مختلف مستوياتها، من رؤساء
الأقسام وانتهاء برئيس الجامعة ان يترفعوا عن مثل هذه الممارسات، التي من شانها
اقصاء نخبة لا باس بها من الأساتذة المميزين، ووضع أعضاء هيئة تدريس في أماكن
ليسوا باهل لها. كما ان إدارات الجامعات مطلوب منها ان تراجع إجراءات الترقية، حتى
لا تكون مدخلا لفساد أكاديمي وتنمر يمارس على مدرسين اكفاء، فالتنمر مدخلا واسعا
من مداخل الفساد الأكاديمي الذي ينبغي ان نحاربه جميعا.
جامعة مؤتة-
كلية التربية