صادف يوم ١٨ ديسمبر اليوم العالمي للغة العربية، لغة الضاد والقران الكريم والتي طالما نادى اللغويون والادباء والشعراء، بضرورة الرجوع اليها في مجالات الحياة المختلفة، بما تتميز به من التنوع والتعدد في معانيها وكلماتها والتي لا تضاهيها اي لغة في العالم، فاللغة العربية تعتبر من اللغات القديمة النادرة، التي استطاعت ان تحافظ على ديمومتها واصالتها، بفضل انها لغة القران الكريم التي انزل بها، وثانيا لانها ثقافة مجتمعات مختلفة في الوطن العربي، قلما تجد مجتمعات تشترك في لغة كاشتراك العرب في لغة واحدة كلغة ام، فهي تحتوي على مميزات فريدة في الكتابة والقراءة والمحادثة، فجماليتها تكمن في ذلك التناغم العجيب بين احرفها ومعانيها القوية والمتشعبة لخدمة اكثر من غرض لغوي، فاذا ما نطق بها وتلفظ بحروفها المرء شعر بثراء لغوي مدهش، وتذوق ادبي رصين.
ان اللغة العربية مثلها مثل اي تراث عتيد، تحتاج الى زيادة الجهود وتكثيفها لمواجهة خطر اندثارها ووضع الوسائل والاليات الكفيلة بالحفاظ عليها، ودمجها في حياة الفرد العربي لتكون جزءا من عمله ومعاملاته ودراسته، مع تقديم كل دعم ممكن لتكون في الصدارة في ترجمة الاعمال الفكرية والانسانية والعلمية بمختلف فروعها، وتوسيع حصتها لتكون لغة الدراسة الاساسية في جميع المراحل الدراسية والتخصصات الجامعية، لتشمل تخصص الطب والهندسة والصيدلة وغيرها من العلوم الطبية والحاسوبية.
كما ينبغي على المعنيين باللغة والمؤسسات التي ترعى الثقافة والتراث، صب جل اهتمامهم على زيادة اعداد الكتب المطبوعة باللغة العربية في جميع المكتبات العامة والخاصة، والى جانب تحفيز المعلمين والاكاديميين على استخدام اللغة العربية في شرح المواد التعليمية، وتنظيم مسابقات في اللغة العربية لكافة المدارس وفي جميع المراحل والجامعات بمختلف تخصصاتها، وتنظيم اعمال فنية من افلام ومسرحيات تحكي روايات وقصص باللغة العربية، حتى يلتقطها المشاهد فترسخ في ذهنه ويعتاد التحدث بها ما امكن، ولا ننسى تعليم الاطفال الصغار التحدث بها، وتأصيل ذلك بمشاهدة افلام كرتونية ومسرحيات يتحدث فيها المؤدين اللغة العربية، وتحنب مزاحمة اللهجة المحلية للغة العربية في الاعمال الادبية والشعرية، كي لا تؤثر على اصالتها وعراقتها، بالاضافة الى توحيد الجهود العربية لتقديم فعاليات وانشطة وبرامج الهدف منها ترسيخ اللغة العربية واحيائها في كافة مجالات الحياة.
وبما ان اللغة هي جزء من الثقافة، يقع على عاتق المنظمات والمؤسسات والجمعيات الثقافية، ابراز دور اللغة العربية، وتشجيع الاجيال العربية على التحدث بها والتعرف عليها بصورة اعمق، فكم من لغة اندثرت واصبحت حبيسة مخطوطات قديمة واثارا على جدران، بسبب اندثار المجتمعات التي كانت تتحدث بها، اما لحرب او لكارثة طبيعية او لهجرة جماعية، ادى الى طمسها مع مرور الزمن، لكن اللغة العربية من اللغات القليلة جدا التي حافظت على نفسها من الاندثار والتلاشي، وذلك بسبب حفاظ مجتمعاتها عليها وقوة جذورها الضاربة في اعماق التاريخ. ولعظم مكانة اللغة العربية اصبحت من اللغات العالمية، حيث اعتمدت في محافل عالمية كثيرة، وصارت تدرس في بعض الدول الاجنبية، وصار الاقبال عليها كبيرا من قبل الدارسين الغير ناطقين بها.