لست أدري كيف ستستجيب الحكومتان
العراقية والسورية حيال ما أماط الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اللثام عنه حول
نياته للتعامل مع حقول النفط السورية والعراقية، إذ إنه راح يفكر بصوت عالٍ بسبب
ما غمره من انتشاء قتل الإرهابي أبي بكر البغدادي، أي بنجاح تلك العملية العسكرية
المعقدة التي (كما يبدو) ستساعده كثيرا لنيل ما يصبو إليه في انتخابات العام
القادم الرئاسية.
الغريب في الأمر هو أنه يريد إبقاء
قوات أميركية محدودة في الزاوية الشمالية الشرقية من سوريا بهدف معلن مفاده “حماية
حقول النفط”، وكأنه يتكلم عن حقول نفط أميركية في تكساس أو في ألاسكا. هو لا يقول
بأنه يرنو لحماية حقول النفط خشية وصول ميليشيات “الدولة الإسلامية” إليها
لاستثمارها فحسب. كلا، هو يتكلم عن هذه الحقول الغزيرة وكأنها “ملكية” أميركية، لا
نقاش ولا نزاع على عائديتها. وهذا النمط من النزق هو بالضبط الذي عكسه قراره يمنح
هضبة الجولان لإسرائيل.
وتنطبق ذات الحال على تكراره الثقيل
والمثقل لموضوع استرداد ما أنفقته الولايات المتحدة على عملية احتلال العراق وعلى
بقائها (غير المرحب به) على أراضيه من سنة 2003 المشؤومة حتى نهاية سنة 2011، بل
وحتى اللحظة، برغم تقليصها. هذه معضلة قانونية ستواجه الحكومة العراقية، ذلك أنها
لم تطلب من الولايات المتحدة ولا من حلفائها احتلال العراق، إلا أن المعضلة تتجسد
في أن القيادات الحاكمة في بغداد اليوم هي التي طالبت بإسقاط الرئيس السابق صدام
حسين آنذاك عن طريق احتلال العراق. وبذلك منحت هذه القيادات المهيمنة على السلطة
حاليا واشنطن مفاتيح كافة حقول النفط العراقية التي تعد الأغزر والأعلى خزنا، درجة
إعلان الرئيس السابق أعلاه بأن “آخر برميل نفط في العالم سيستخرج من العراق”، مرات
عديدة.
ثمة نزق مستثقل في منح الرئيس الأميركي
نفسه وإدارته حقوقا غير محدودة في نفط سوريا والعراق، وهو ما لا يمكن للشعبين
الشقيقين القبول به قط بغض النظر عما يمران به من أحوال سيئة: فالنفط المبطون تحت
سطح الأرض، ليس من حق السوريين والعراقيين أنفسهم فقط، لأنه يقع داخل حدودهم
الجغرافية، ولكنه كذلك من حق الأجيال العراقية والسورية القادمة في المستقبل، تلك
الأجيال التي ستحاسب من عبث ويعبث بثروات البلدين بسبب ابتلائه بقصر نظر مخل! هل
تعلم أن النفط العراقي الخام يستخرج من عدة نقاط اليوم من قبل لصوص مهربين دوليين
بدون وجود عدادات دقيقة تحتسب ما يسحب من أنابيب الخام المار كل يوم؟!