بقلم: فادى عيد
فى ظل تلك الاحداث يأتي مؤتمر لوزان لبحث الازمة السورية، فهل يوجد عاصمة فى عالم متبقية لم تستضيف المعنيين بالملف السوري بعد؟
فلماذا مؤتمر لوزان الان وقد عقد سابقا عشرات اللقاءات دون أي جدوى ومع اقتناع كافة الاطراف ان لا جدوى لمليون لوزان حتى، فى ظل التصعيد العسكري من كافة الاطراف بسوريا؟
أذا دعونا نرى بعمق لماذا مؤتمر لوزان والى أين ستتجه البوصلة بعده، ونقراء ما يدور بداخل البنتاجون والكرملين لعلنا نقرأ ما المغزى من لوزان.
بداية من دعا الى مؤتمر لوزان هى روسيا منذ ايام قليلة، وكان المتفق عليه حضور خمسة دول فقط هم روسيا وامريكا وتركيا وقطر والسعودية، وبعد ذلك دعت روسيا ايران والعراق، بينما الولايات المتحدة هى من دعت مصر للحضور، وهو الامر الذى أكده سامح شكري بتصريح علني وكأنه يريد أن يوجه رسالة.
وهنا لا اجد أي تفسير لدعوة موسكو لعقد مؤتمر لوزان سوى رغبة روسيا فى الحفاظ على أي مسار سياسي حتى ولو كانت فرصته ضئيلة، فهي تعلم جيدا ان امريكا مقبلة على تصعيد مباشر بمعنى سيكون امدادات السلاح المتجه نحو التنظيمات الارهابية بسوريا لغرض ضرب الروس قبل السوريين أنفسهم، فمنذ فترة وواشنطن تلمح بشكل صريح بتوجيه ضربات مباشرة للجيش السوري وتزويد المعارضة المسلحة بأسلحة نوعية تحدث الفارق فى المعركة وهو الامر الذى ناقشه الرئيس الامريكي نفسه مع مجلس الامن القومي الامريكي يوم 14 الشهر الجاري، وكأن أوباما لا يريد ان يرحل دون أن يترك بصماته على المرحلة القادمة أو بالاحرى يهيأ الملعب لكلينتون، كما أن مهما بذل الجيش السوري من مجهود فهو لن يستطيع فرض كامل سيطرته على سوريا او حتى نصفها بحكم ما تعرض له من أستنزاف طوال حرب استمرت خمسة اعوام، وفى ظل تلك المعطيات ستجد روسيا نفسها غارقة فى مستنقع لا نهاية له وقد تواجه سيناريو اصعب من سيناريو افغانستان، وهى الرؤية التى يتفق عليها قادة الجيش الروسي وعلى أساسها طالبو بوتين مؤخرا بضرورة الخروج من سوريا قبل أنتهاء العام الحالي، ولكن اي سحب أخر للقوات الروسية من سوريا وفى ظل حالة الاحتدام الميداني الحالي بها لن يكون مجرد سحب قوات قابلة للعودة للميدان السوري مرة أخرى، بل سيكون أنسحاب واعتراف بالهزيمة.
نعم أمريكا تريد حرق الجميع في سوريا حتى حلفائها بالاقليم بعد أن أستنزفت سوريا تماما، فى المقابل يستميت بوتين على موطئ قدمه الوحيد بالبحر المتوسط (طرطوس) بعد أن رفضت الجزائر منح قاعدة عسكرية للروسيا بقاعدة أم البواقي بشرق الجزائر، وكذلك مصر بعد ان رفضت منح الروس قاعدة في سيدي براني شمال غرب البلاد.
حقيقة الامر ان الحرب السورية الان ستحدد شكل القوى القادمة على الخريطة سواء الدولية او الاقليمية لعقود قادمة ولذلك لن تكون نهايتها سريعة وفاتورتها لن تكون بقليلة الثمن، فلوزان ستفشل كما فشل كل من سبقها ولكن لن تقبل واشنطن او موسكو الفشل فى سوريا، لن من سيفشل فى سوريا يعي ان الطرف الاخر بات هو المتحكم فى الشرق الاوسط دون منازع.