بقلم: الدكتور عواد النواصرة
في البداية نتمنى التوفيق لحكومة الدكتور عمر الرزاز، ونتمنى أن يتسع صدره للنقد من أجل المصلحة العامة فقط. لكن التمنى شيء والواقع شيء اخر. ما نتمناه أن نرتقي إلى حيث العالم يرتقي. ما نتمناه أن نرى حكومة تمثلنا في كل المحافل وبكل اقتدار لا حكومة تمثل علينا. ولا نقصد هذه الحكومة بالتحديد بل هي سلسلة تراكمات سابقة.
التغيير سنة حميدة ومطلوبة لا اعتراض عليها. لكن الأهم هو تغيير الأداء وتغيير السياسات، وليس تغيير الوجوه، فحياة المواطن الأردني ومعيشته وظروفه التي باتت لا تخفى على أحد أهم من سياسة تغيير الوجوه. أهم من سياسة الإرضاء والمحسوبية. أهم من سياسة اعطاء فرصة اخرى للنجاح(حقل تجارب) أهم من وضع شخص لأنه يمتلك رصيد وتاريخ عائلي في المناصب فقط. هل نحن امام عطوة عشائرية لتطلب الحكومة 100 يوم ثم تحاسب. هل 100 يوم قادرة على حل مشاكل الطاقة واللجوء السوري والمديونية وغيرها الكثير؟ وهل 100 يوم كافية لبناء عقد اجتماعي جديد كما تقول الحكومة؟ لقد وصلنا الى ما نحن عليه بسبب سياسة الارضاء وتغييب الكفاءات، سياسة توارث المناصب وغياب الإنجاز، سياسة الافلاس في الولاء والانتماء للوطن، و الضحية هو المواطن وعليه ان يتحمل الاخطاء.
الجامعات الاردنية والنقابات والأحزاب وغيرها من المواقع تحتوي بين جنباتها قيادات مشهود لهم دوليا بالكفاءة والتميز، ومع الاسف يهملون ولا ينظر اليهم عند المناصب القيادية، ليقفز شخص بقدرة قادر الى منصب عام لأنه صاحب تاريخ عائلي في المناصب. لا نريد أن يصبح الجميع وزراء بل أقل تقدير يستفاد من تجاربهم وأبحاثهم العلمية في أدارة الدولة.
عملية ادارة الدولة بالطريقة الكلاسيكية في ظل وجود قاعدة عريضة من المتعلمين لن تجدي نفعاً. أصبح المواطن العادي يعرف كل شي وبسرعة هائلة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي. لقد استطاعت العشائر والنقابات تحقيق مطالب الشارع الأردني في عدة مرات في ظل غياب ممنهج للأحزاب السياسية على الساحة الاردنية. كيف نريد بناء عقد اجتماعي جديد في ظل وجود قاعدة عريضة في الدولة الاردنية مهمشة وغير منظمة سياسيًا اسفل الهرم. وبات من المؤكد أن العشائر هي اساس بناء الدولة أضافة الى النقابات والتي يجب أن نجلس معها ونفهم ما تريد بكل شفافية حتى نستطيع بناء فكرة سياسية ناجحة. اذا كانت الدولة فعليا لا تريد بناء احزاب ناجحة.
القضية في الاردن ليست عقد اجتماعي جديد لدولة تأسست عام 1921م وكأننا في صدد بناء قاعدة لدولة جديدة. ولكن السؤال المهم هنا ما هي اسلحة الحكومة التي سوف تستخدمها لإحداث هذا التغيير؟ ما هي الوجهة الفكرية التي تناسب طبيعة لمجتمع الأردني لبناء عقد اجتماعي جديد؟ هل هي ضمن أفكار العقد الاجتماعي عند جون لوك فيلسوف التجريبية والليبرالية والذي ركز على تنمية الطبقة الوسطى باعتبارها قطاع عريض محروم وتمثل الغالبية العظمى من المجتمع. أم أن النظرية المنشودة قد تأتي من افكار توماس هوبز والذي سعى في نظريته الى تحقيق المصلحة الخاصة بشتى الطرق. ام اننا نسعى اليها عند افكار جان جاك روسو بحيث يتنازل بموجبه الأفراد كلٌ عن نفسه للجماعة.
القضية هي تحديد العلاقة المتبادلة بين الدولة والمواطن على أساس وأضح نابع من الحاجة الأردنية الفعلية التي تحقق مصالح الدولة العليا لا تحقق مصالح اشخاص. نابعة من تكافئ الفرص. إضافة إلى تعميق النظر وبشكل واضح في المزيد من التحديات التراكمية والتي أهملتها معظم الحكومات المتعاقبة على الأردن. ولا يخفى على أحد أن تلك الوضعية أوجدت أنماطا متباينة بين شرائح المجتمع الأردني، والمزيد من الطبقية المنفّرة والعنف المجتمعي، وفي حال استمرار عجز الحكومات عن تقديم العلاج الضروري لهذه الحالة سوف تتفاقم الأمور بشكل قد يضر بأمن البلد واستقراره داخليا لا قدر الله. ولعبور تلك الفجوة والتخلص منها يجب علينا تبني سياسة فكرية تتناسب وثقافة المجتمع الأردني، وعدم استيراد تجارب الدول الأخرى لتطبيقها على مجتمعنا، فلكل مجتمع عاداته وتقاليده وثقافته المميزة.
أن نقوم ببناء عقد اجتماعي جديد أين العدالة وأين المساواة التي نسمع عنها وندرسها لأبنائنا في المدارس ونريد أن نغرسها كقيمة ومبدأ في عقولهم ليصدموا بها عندما يناظرون الحقيقة.قد يرث الإنسان المال والعقار والأموال مِن ذويهم لكننا في الأردن سوف نورث المناصب والجوع لأبنائنا وعقد اجتماعي خالي من أي مضمون . حمى الله الأردن.