حلمي الأسمر
إنسوا كل ما يتعلق بما يقال عن مزاعم تتحدث عن مساوىء أردوغان وما يقال عن «دكتاتوريته» وملاحقته للحريات الصحفية، وطموحه «العثماني» ووو .. وتعالوا بنا لنقرأ آخر الشهادات التي قيلت في الرجل/ من «آرثر لافر» الاقتصادي الأمريكي الشهير، والمعروف بلقب «أبو الاقتصاد» وستعلمون لماذا نحن معشر المنبهرين بتركيا، نستميت في الدفاع عنها، ونتمنى أن تبقى تجربتها ملهمة للشعوب المقهورة، ومنارة ليس للشرق فحسب، بل لكل بلد تريد أن تنهض من كبوتها، وتلتحق بالنجاح!
لافر، قال خلال كلمته في أثناء حضوره مؤتمرا اقتصاديا في أنقرة، يوم 8 أيلول / سبتمبر: «إن الاقتصاد التركي في أفضل حالاته، من يريد منكم أن يرى اقتصادا متدهورا ما عليه سوى الذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهنا لدي عرض لكم، خذوا أوباما وأعطونا أردوغان وفريقه». ولفت لافر الانتباه إلى أن الرفاه الاقتصادي لا يمكن تحقيقه إلا بتحقيق 5 أمور وهي: «نسب ضريبة منخفضة، ضرائب ثابتة ذات نطاق واسع، الحد من النفقات، العملة السليمة، بالإضافة إلى التجارة الحرة، والتنظيمات الدنيا»، وأوضح لافر أن اتباع هذه السياسات تعد بالنسبة إليه الاقتراب أكثر نحو ما يسمى بـ «نجم الشمال»، إذ يرى أنه كلما اتُبع نجم الشمال أكثر، كلما اقتُرب من النجاح أكثر!
لافر قال أيضا أن الرأي العام حول الاقتصاد التركي وجّه بطريقة خاطئة، مؤكدا أنه يرى الاقتصاد التركي في أحسن حالاته، مضيفا: «بينما كنت في طريقي إلى أنقرة قال لي أحد الأصدقاء: «إن أعطونا أردوغان ستتحسن حالتنا الاقتصادية إلى حد كبير»، ومن هنا لدي عرض لكم، أعطونا أردوغان ولو لمدة مؤقتة، وخذوا بدلا عنه أوباما، باختصار، الجهود المبذولة فيما يخص الضرائب، والخصخصة في تركيا تستحق التصفيق والثناء، وإن استمرت تركيا بهذا الشكل فإن الرفاه الاقتصادي سيحقق مكانة أفضل».
أنا لست متخصصا بالاقتصاد، بل أدعي أن فهمي «على قدي!» ولكنني حينما أقرأ تصريحات لعالم اقتصادي مثل لافر، واقارن بين ما يقوله وبين ما يحدث في بلادنا أجد العكس، فهو يشدد مثلا على ضرورة الإعفاء الضريبي وإجراء تخفيضات في بعض الأحيان وذلك لزيادة فرص التوظيف، وبالتالي زيادة فرص الإنتاج، لأن الفلسفة الاقتصادية لا تكمن في إعطاء السمك، وإنما تعليم كيفية صيد السمك. عندنا نرى توسعا في فرض الضرائب، وتوقفا تقريبا عن الخصخصة، بزعم أنها تريد «تفكيك الدولة!» ويضرب لافر مثلا على نجاخ الخصخصة، فيقول، أن تركيا تتبع سياسة التخصيص، وأن هذه السياسة تتبعها حتى في المؤسسات التي كانت الدولة تعمل على إدارتها، لافتا الانتباه إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على العكس تماما، إذ تعمل الولايات المتحدة الأمريكية -على حد وصفه- بدولنة المؤسسات الخاصة، معطيا مثالا على ذلك «الخطوط الجوية التركية» إذ قال :»إن أكبر نسبة ضريبة في تركيا هي 35 بالمئة، بينما نجد أن أعلى نسبة ضريبة في بعض الولايات المتحدة الأمريكية تصل إلى 50 بالمئة، تركيا تتبع سياسة تخصيص مؤسسات كانت تدار من قبل الدولة، بينما في أمريكا العكس تماما، وأفضل مثال عن ذلك «الخطوط الجوية التركية، إذ كانت الدولة هي المسؤولة عنها فيما سبق، وبعد أن خصصتها الدولة، لاحظنا النقلة النوعية التي شهدتها الخطوط الجوية التركية، والوضع الذي آلت إليه بعد تخصيصها».
يفترض بي أن أنقل اقل جزء ممكن من كلام لافر، لأن المقال لي وليس له، ولكنني مدفوعا بنشر ما يقوله إلى أبعد مدى ممكن توسعت في النقل، لعل أحدا من اقتصاديينا، وراسمي سياسات بلادنا يجد فيما يقوله ما يفيد!
عن الدستور