نشر بتاريخ :
27/11/2024
توقيت عمان - القدس
10:17:10 AM
الحقيقة
الدولية - حذّر المستثمرون من أن ارتفاع قيمة الدولار في عهد الرئيس الأمريكي
المنتخب دونالد ترامب قد يُلحق الكثير من الضرر بعوائد السندات في الأسواق
الناشئة، مما يؤدي إلى تفاقم التدفقات الخارجة من قطاع تأثر بشدة بارتفاع أسعار
الفائدة في الاقتصادات المتقدمة.
ووفقاً
لبيانات جي بي مورغان، سحب المستثمرون ما يقرب من 5 مليارات دولار من الصناديق
التي تستثمر في السندات المقومة بالدولار والعملات المحلية في الأسواق الناشئة منذ
بداية هذا الشهر وحتى منتصفه، ليرتفع إجمالي صافي التدفقات الخارجة هذا العام إلى
ما يزيد على 20 مليار دولار. ويأتي ذلك بعد سحب 31 مليار دولار العام الماضي و90
مليار دولار في عام 2022.
وخلال
الأسابيع الأخيرة، هيمنت على الأسواق العالمية ما يُعرف بـ«تداولات ترامب»، بناءً
على التوقعات بأن سياساته المتعلقة بخفض الضرائب وفرض الرسوم الجمركية ستؤجج
التضخم، مما يعزز قيمة الدولار وعوائد سندات الخزانة الأمريكية. ويُحذّر المحللون
والمستثمرون من أن الرسوم الجمركية الأمريكية قد تدفع عملات الأسواق الناشئة إلى
الانخفاض -بسبب تراجع الطلب على صادراتها- مما يؤدي إلى تآكل عوائد مستثمري الديون
المقومة بالدولار.
وقال
بول ماكنمارا، مدير الديون المُتخصص في الأسواق الناشئة لدى شركة إدارة الأصول
«جام»: «كل هذا سيكون له تأثير سلبي على الأسواق الناشئة، ولا أعتقد أن السوق قد
استوعب التأثير بالكامل».
وبينما
تُهيمن على أسواق السندات بالعملات المحلية دول مثل المكسيك والبرازيل وإندونيسيا،
والتي تخطت الاعتماد على الاقتراض بالدولار الأمريكي خلال العقود الأخيرة، حيث
استفادت اقتصاداتها من تضاؤل العراقيل التجارية العالمية وتحسين الجدارة
الائتمانية.
وخلال
العام الجاري، كان المستثمرون يراهنون على استعداد العديد من هذه الدول لخفض أسعار
الفائدة -وهي خطوة تدعم عادة أسعار السندات- قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وبادرت بنوكها المركزية برفع الفائدة قبل نظيراتها في الدول المتقدمة عندما سجل
معدل التضخم العالمي ارتفاعاً حاداً في أعقاب جائحة كورونا.
لكن
هذه الرهانات تغيرت بفوز ترامب في الانتخابات في وقت سابق من هذا الشهر. فقد أصبحت
الأسواق تتوقع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية لفترة أطول حال أدت الرسوم
الجمركية وخفض الضرائب المخطط لها في عهد ترامب إلى تفاقم معدلات التضخم. وقد
ارتفعت العائدات على السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات من 4.29 % إلى 4.39 % منذ
فوز ترامب، بينما ارتفعت العائدات لأجل 30 سنة من 4.45 % إلى 4.58 %.
في
الوقت نفسه، ارتفع الدولار بأكثر من 4 % مقابل سلة من العملات الأخرى، في حين
تراجعت عملات مثل الراند الجنوب أفريقي بنسبة تقارب 4 % مقابل الدولار، وانخفض
البيزو المكسيكي والريال البرازيلي بحوالي 2 %.
ومع
ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، يصبح الاستثمار في الأسواق الخارجية عالية
المخاطر أقل جاذبية مقارنة بالولايات المتحدة، مما يدفع بنوكها المركزية إلى رفع
أسعار الفائدة لجذب رأس المال.
وفي
البرازيل، سارع البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة هذا الشهر، بينما تبنى البنك
الاحتياطي لجنوب إفريقيا نبرة حذرة تجاه السياسة النقدية رغم خفضه للفائدة منذ
أيام من أعلى مستوى لها في 20 عاماً بالقيمة الحقيقية.
وصرح
ليسيتيا غانياغو، محافظ بنك الاحتياطي في جنوب أفريقيا، خلال مؤتمر صحفي عقب
القرار، بأنه «إذا أدت الحمائية بجميع أنحاء العالم إلى التضخم، فمن المتوقع أن
تستجيب البنوك المركزية عالمياً».
وبحسب
غابرييل ستيرن، رئيس أبحاث الأسواق الناشئة في أكسفورد إيكونوميكس، فإن المزاج
السائد هو شعور بـ «القبول» وليس أزمة حقيقية، مضيفاً «من المتوقع ارتفاع الدولار،
وهذا سيحد من عوائد السندات بالعملات المحلية في الأسواق الناشئة».
وتراجع
مؤشر جي بي مورغان لعوائد سندات العملات المحلية في الأسواق الناشئة إلى المنطقة
السلبية هذا العام بنسبة تقارب 1 %. ومع ذلك، يعتقد البعض أن سياسات الإدارة
الأمريكية الجديدة قد تؤدي في النهاية إلى هبوط الدولار بمرور الوقت. وأشار كارثيك
سانكاران، الباحث البارز في معهد كوينسي للحكم المسؤول والخبير في العملات
الأجنبية، إلى أن «هناك تبايناً بين تفضيلات السياسات المالية والنقدية والتجارية
ونتائج أسعار الصرف، مما يشير إلى احتمال إضعاف الدولار».
وأضاف
قائلاً: «في الماضي، شهدنا حالات لتداول الدولار على نحو مماثل لعملات الأسواق
الناشئة، حيث ارتفعت عائدات السندات [الأمريكية] وانخفض الدولار». لكنه حذّر من أن
انخفاض الدولار قد لا يتحقق بالسرعة الكافية لتجنب مواجهة العديد من الأسواق
الناشئة ضغوط على أسعار الصرف. وقال «تكمن المشكلة في أن سعر الصرف في العديد من
هذه البلدان يشكل عاملاً رئيسياً في تدهور الأوضاع المالية».
وذكرت
شركة بيمكو، وهي واحدة من أكبر شركات إدارة ديون الأسواق الناشئة على مستوى
العالم، مؤخراً أن أيام تحقيق المستثمرين مكاسب ثابتة عبر الرهانات الكلية الضخمة
على الدول ذات العائد المرتفع قد ولت.
وأضافت
الشركة في ورقة بحثية نشرت الشهر الماضي، «ينبغي استخدام سندات الأسواق الناشئة في
المقام الأول كأداة للتنويع، وليس كمصدر لتحقيق عوائد مرتفعة». وأثارت الدراسة
شكوكاً حول ما إذا كان تنامي التقلبات يشير إلى أن سياسة تعويم العملات بحرية
مقابل الدولار كانت الخيار الأفضل لاقتصادات الأسواق الناشئة والمستثمرين على
المدى الطويل.
وبالإضافة
إلى السياسات القديمة التي أقرها صندوق النقد الدولي مثل استهداف التضخم والقواعد
المالية للسيطرة على الديون، فلطالما اعتبر مستثمرو الأسواق الناشئة التعويم الحر
مفيد، على عكس الربط الثابت أو التعويم الموجه الذي يمنع التقلبات مقابل الدولار
من خلال التدخل.
وقال
برامول داوان، رئيس فريق الأسواق الناشئة في بيمكو: «إن هناك شكوكاً حول ما إذا
كانت أنظمة أسعار الصرف المرنة تقدم الفائدة المرجوة للعديد من الأسواق مثل
المكسيك والبرازيل.. وما نجح في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لم
يعد فعالاً على مدى الـ15 عاماً الماضية ولن يكون كذلك في المستقبل».
وكالات