القسم :
دولي - نافذة شاملة
نشر بتاريخ :
27/11/2024
توقيت عمان - القدس
9:53:14 PM
جاء
افتتاح مؤتمر المناخ «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو وسط أجواء مشحونة، كما لاقى
جدول أعماله انتقادات واسعة لعدم ملاءمته للهدف المنشود. كذلك لم يكن فوز دونالد
ترامب بولاية رئاسية ثانية في أكبر اقتصاد عالمي بالأمر المُشجع، خاصةً مع إنكاره
المُستمر لظاهرة الاحتباس الحراري، التي يصفها بـ«الخدعة».
ومما
زاد الأمور تعقيداً، قيام خافيير ميلي، حليف ترامب في بوينس آيرس، بسحب وفد بلاده
من المؤتمر، وسط مخاوف من أن تحذو الأرجنتين حذو الولايات المتحدة وتنسحب من
اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015، التي تُشكّل الأساس الذي تقوم عليه المفاوضات.
لكن رغم كل هذه التحديات، أثبت مؤتمر «كوب 29» قدرة التعاون الدولي على تحقيق
النجاح، ولو بصعوبة، في ظل اقتصادات عالمية تُصارع التضخم وتوترات جيوسياسية
مُتصاعدة.
وبعد
مفاوضات شاقة، شهدت انسحاباً غاضباً، وإن كان مؤقتاً، من بعض الدول النامية، تمكنت
وفود قرابة 200 دولة من تحقيق الهدف الرئيسي للمؤتمر، بالاتفاق على آلية جديدة
للتمويل العالمي لدعم الدول الفقيرة في مواجهة التغير المناخي.
ويلزم
الاتفاق الدول الغنية بقيادة جهودٍ لمضاعفة التمويل المُقدّم للدول النامية إلى
ثلاثة أضعاف، بما لا يقل عن 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035، من خلال
التمويل العام، والاتفاقيات الثنائية، والجهود متعددة الأطراف. لكن هذا المبلغ أقل
بكثير من الحد الأدنى المُستهدف والبالغ 1.3 تريليون دولار سنوياً، والذي يقر
الاتفاق بضرورة توفيره من القطاعين العام والخاص بحلول عام 2035.
وقال
نشطاء المناخ إن نتائج المؤتمر أشبه ما تكون بوضع ضمادة على جرح غائر نتيجة
الإصابة برصاصة، وقدّمت حفنة ضئيلة من الدول دعمها للإدانة الهندية لما دعته
المبلغ الزهيد و«المروع للغاية» الذي لا يمكن قبوله.
ويعكس
دعم عدد أكبر من الدول النامية للمبلغ على مضض الواقع السياسي الذي أسفر عن ذلك.
ويشمل ذلك تزاحم هذه الدول على التمويل في الدول المتقدمة التي تواجه صعوبة هي
ذاتها في تمويل الخدمات العامة في الداخل، ومسألة أنه من المُستبعد التوصل إلى
اتفاق أفضل في اجتماع المناخ التالي في البرازيل في نوفمبر من العام المقبل، أي
بعد مضي قرابة عام على تولي إدارة ترامب زمام الأمور في الولايات المتحدة.
وفي
مؤشر إيجابي على مدى النضج الذي وصلته مفاوضات التمويل المناخي في مؤتمرات «كوب»
على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، فإن اتفاق باكو يشجّع أيضاً مجموعة الإصلاحات
المالية الناشئة لتعزيز الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في التمويل المناخي.
وكانت
الدول الغنية واجهت صعوبة في الوفاء بالتعهد المتمثل في توجيه 100 مليار دولار
سنوياً إلى الدول النامية بحلول عام 2020. وأشارت منظمة التعاون الاقتصادي
والتنمية إلى أن قيمة التمويل الخاص المتأتي عن التمويل المناخي العام ارتفع فقط
إلى 22 مليار دولار في 2022 مقارنة مع 14 مليار دولار في عام 2021.
وتعمل
المصارف التنموية متعددة الأطراف، لا سيما البنك الدولي، على تبني تدابير لمعالجة
عوائق الاستثمار، مثل مخاطر الصرف الأجنبي وعدم اليقين التنظيمي. ويُعد التوسّع في
هذه الجهود ضرورياً، إلى جانب الإصلاحات الأخرى التي تهدف إلى تعزيز نسبة التمويل
المناخي الخاص الناتج عن كل دولار من التمويل العام.
ويسلّط
اتفاق باكو الضوء على مدى تسارع البحث عن تمويل مناخي إضافي لاستهداف أنشطة كان
يُنظر إليها على أنها حساسة سياسياً، مثل النقل الدولي. ويشجّع الاتفاق الحكومات
على زيادة «المصادر المبتكرة» للتمويل، مثل فرض ضرائب الكربون على الشحن البحري
والطيران.
وفي
عالم مثالي، من شأن هذه المصادر أن تشمل سعراً عالمياً مجدياً للكربون. لكن في
العالم الواقعي، حيث تُعد احتمالات تبني مثل هذه التدابير أبعد ما تكون عن الواقع
أكثر من أي وقت مضى، تسعى الحكومات المعترفة بالتغير المناخي إلى تحفيز الدول التي
تدعم فرض تسعير للكربون على التنسيق وتعزيز الجهود قبل انعقاد مؤتمر «كوب 30» في
البرازيل. وستكون كل هذه الخطوات مطلوبة في عالم قضى وقتاً طويلاً في تفادي مواجهة
مشكلة التغير المناخي، وهو مضطر إلى مجابهة الواقع الناجم عن ذلك.
وكالات