بقلم: د. هايل ودعان الدعجة
تؤشر الاحداث والتطورات التي يشهدها ملف الازمة السورية ، الى ان الأمور تسير باتجاه الحل السياسي ، وفقا لمسار جنيف وقرار مجلس الامن 2254 ، وذلك على وقع الهزائم المتلاحقة التي اخذت تتكبدها التنظيمات الإرهابية بطريقة أحدثت تغيرات ميدانية وجغرافية وسياسية جديدة بعد الانتصارات التي حققتها قوات النظام السوري بدعم من روسيا وايران والفصائل والميليشيات التابعة لها . الامر الذي عزز من التوجهات الدولية والإقليمية نحو إقامة مناطق خفض توتر في ادلب وشمال حمص والغوطة الشرقية وجنوب غرب سورية ( درعا والقنيطرة والسويداء ) ، التي على ما يبدو ستكون النموذج الذي يمكن تطبيقه على بقية المناطق بعد نجاح تثبيت وقف اطلاق النار فيها على خلفية الاتفاق الأميركي الروسي الأردني ، الذي مهد الطريق لهذه الخطوة المتقدمة ، ما يؤشر الى وجود ترتيبات وسيناريوهات تعدها أطرافا دولية وإقليمية للمشهد السوري المستقبلي . حيث أوقفت الولايات المتحدة برنامجها العسكري لتدريب الجيش السوري الحر وتجهيزه وتقديم المساعدات العسكرية والميدانية له ، بعد التحول الذي طرأ في الاستراتيجية الأميركية بإعطاء الأولوية لمحاربة تنظيم داعش ، بدلا من الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد . إضافة الى مطالبة ستيفان دي ميستورا المبعوث الاممي الخاص الى سورية ، المعارضة بضرورة توحيد مواقفها باتجاه التهدئة والحلول السياسية قبل جولة جنيف القادمة ، وهو ما حرصت اجتماعات الرياض التي شملت منصات موسكو والقاهرة ( والرياض ) على تحقيقه .
وبدا ان الأردن يتحوط لكافة التطورات والترتيبات حرصا منه على امنه وحماية حدوده الشمالية من التنظيمات الإرهابية والقوات الإيرانية والجماعات والفصائل المدعومة منها ، ومن اية عمليات عسكرية قد تشهدها المنطقة الحدودية ، بصورة من شأنها التسبب بالمزيد من موجات اللاجئين السوريين باتجاه الأردن . ما برر للاردن التنسيق مع الولايات المتحدة وروسيا من اجل امن حدوده التي ضاعفت من جهوده الاحتياطية والاحترازية بعد ان خرجت من سيطرة قوات النظام السوري لفترة ليست بالقصيرة ، ما جعل الأردن يرحب بإعادة سيطرة هذه القوات مؤخرا على نقاط حدودية معه ، حتى انه طالب قوات المعارضة المعتدلة ،التي كان يدعمها لمواجهة التنظيمات الإرهابية بالانسحاب ووقف العمليات العسكرية ضد القوات السورية النظامية ، وذلك من اجل إنجاح فكرة فرض منطقة خفض توتر في جنوب غرب سورية ، والتي يتوقع ان تتوسع لتشمل البادية السورية ، التي أبدت قوات المعارضة المعتدلة استعدادها الانسحاب منها ، وان كانت تريد تطمينات وضمانات من الأردن وروسيا بان يمتد نطاق وقف اطلاق النار ليشمل منطقة البادية السورية ايضا .
ولكن هذا لا يمنع من القول بان الأمور في سورية تميل لصالح ايران ومشروعها البري الاستراتيجي الذي تسعى الى تحقيقه من حدودها الى لبنان والبحر المتوسط مرورا بالاراضي العراقية والسورية ، وذلك رغم التهديدات الأميركية بتقطيع اوصال هذا المشروع عبر تواجدها العسكري في المناطق الواقعة بين الحدود العراقية والسورية ، وعند مثلث التنف الحدودي تحديدا ، حيث ما تزال الظروف تلعب في صالح ايران التي تخوض حرب تطهير عرقي من خلال توظيفها الجماعات الإرهابية وتمهيد الطريق امامها للسيطرة على المناطق السنية ، التي سرعان ما تهاجمها ايران بحجة تخليصها من هذه الجماعات الإرهابية ، لتقوم بحربها العرقية القذرة على مرأى من جميع الأطراف الدولية والإقليمية . خاصة ونحن نشاهد ما قامت به ميليشيا حزب الله في عرسال على الحدود اللبنانية السورية ، عندما عقدت مع تنظيم داعش وجماعة النصرة صفقة ، سمحت بموجبها لداعش بالتوجه الى دير الزور ، وللنصرة بالتوجه الى ادلب تحت سمع وبصر كافة اطراف الازمة السورية ، ليبدأ الحديث بعد ذلك عن خوض معارك من قبل القوات الروسية والإيرانية والأميركية والسورية ضد التنظيمات الإرهابية في دير الزور وادلب في مشهد مريب لا يخلو من الشك والضبابية .