بقلم: د. هايل ودعان الدعجة
لا شك بان الحملات الانتخابية وكلما
اقترب موعد التصويت ، تشتد وتترك اثرها الايجابي على العملية التصويتية والاقبال
على الانتخابات ، خاصة مع كثرة عدد المترشحين على القوائم المحلية والقوائم
الحزبية العامة ، مضافا الى ذلك الاجواء الانتخابية التي ستؤثر بالمواطن وتحفزه
الى التفكير الايجابي بضرورة المشاركة ، ليكون جزءا من هذه الفعالية الوطنية ، وإن
كان الامر في النهاية يتوقف على المرشحين اولا في ممارسة دورهم باقناع المواطنين
بهذا الاستحقاق الانتخابي الدستوري ..
وبنفس الوقت فإن الجهات المعنية
بالانتخابات معنية بتغيير اساليبها التقليدية في مخاطبة الناس ومحاولة اقناعهم بجدية
العمل النيابي والحزبي المؤسسي من خلال عدم ترك هذه المهمة لشخصيات مستهلكة..
ملَها الشارع ولا يطيق سماعها ولا مشاهدتها على وسائل الاعلام ويعتبرها اساس
المشاكل والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها.. فكيف
تترك لهم هذه المهمة الوطنية التي يتحكم بنتائجها هذا المواطن الذي له ملاحظات
سلبية على هذه الشخصيات المستهلكة شعبيا.. وخبرها وهي تبحث عن المكاسب والمناصب
حتى وان كان ذلك على حساب مواقفها ومبادئها والافكار التي يفترض انها تؤمن بها..
حتى انها على استعداد للتخلي عنها والانقلاب عليها عبر الانتقال من اتجاه الى اخر
حتى وان كان في الجهة المقابلة والمعاكسة لافكارها وتوجهاتها .. طالما ان هذا هو
الطريق او الثمن الذي عليها دفعه من اجل الفوز بلعبة المكاسب ..
وهذا الامر يعرفه المواطن ويدركه تماما
ويعرف رموزه وشخوصه، مما يجعلنا نطالب الجهات المعنية بتغيير هذا الاسلوب السلبي
في مخاطبته ومحاولة اقناعه والبحث عن وسائل اخرى اساسها شخصيات وطنية تحظى بشعبية
واحترام وقبول لدى القواعد الشعبية التي تثق بها وبصدقيتها، مقرونا ذلك بغيرة هذه
القواعد على البلد وحرصها على تحقيق مصالحه من خلال حرصها على ان يتقلد مواقع
المسؤولية فيه، خاصة في مجلس النواب ، اناس ثقات يقدمون مصالح الوطن على مصالحهم
الخاصة.. ويمهدون طريقهم الى قبة البرلمان بمحبة الناس وثقتهم وليس باموالهم
وباساليبهم الملتوية.. بطريقة افقدت المواطن ثقته بالمجالس النيابية.
وكما يعكس ذلك تراجع نسبة الاقبال على
الانتخابات، التي تتحمل مسؤوليتها جهات رسمية ايضا من خلال تعاملها مع المرحلة
التي تسبق اجراء الانتخابات النيابية باشهر قليلة وخلال الحملات الانتخابية تحديدا
باهتمام كبير، بحيث تطلق العنان لمنابرها الاعلامية والخطابية المختلفة للاشادة
بالعملية الانتخابية كاستحقاق وطني دستوري واهمية المشاركة الشعبية في عملية صنع
القرار ودورها في تكريس النهج الديمقراطي والاصلاحي..
وما ان تنتهي الانتخابات ويتم تشكيل
المجالس النيابية.. فإذا بها تنقلب على هذا المسار الديمقراطي، وتبدأ بشن عملية
عكسية ، مفادها تحشيد الشارع والاعلام ضد هذه المجالس.. بطريقة تجعل المواطن لا
يستوعب ما يجري وهو يعيش هذا التناقض العجيب، الذي يمثل احد اهم اسباب تراجع نسبة
المشاركة والتوجه الى صناديق الاقتراع كلما حلت مناسبة انتخابية .