بقلم: د. هايل ودعان الدعجة
تؤشر التفاهمات الدولية والإقليمية حول مناطق خفض التوتر في جنوب غرب سورية والغوطة الشرقية وادلب وشمال حمص على ان الازمة السورية تقترب من مراحلها النهائية ، وان الأمور تتجه نحو التهدئة والحل السياسي . وهو ما يمكن استنتاجه من التصريح الذي ادلى به ستيفان دي مستورا المبعوث الاممي الى سورية قبل فترة ، بان جولة مفاوضات جنيف القادمة ستشكل منعطفا هاما في مستقبل المشهد السياسي السوري ، ما يبرر الترتيبات والمفاوضات التحضيرية التي تجريها بعض الدول بين اطراف الازمة السورية وتحديدا المعارضة تمهيدا لجولة جنيف القادمة . عزز من ذلك التفاهمات والتقاربات الأميركية الروسية على لعب الأدوار وربما تقاسم النفوذ بعد ان تخلت الأطراف السورية عن اوراقها وسلمتها الى اطراف دولية وإقليمية باتت مسيطرة على مجريات الملف السوري ومخرجاته المستقبلية كما سيعكسه الدستور الذي تشرف على صياغته الأمم المتحدة برعاية أميركية وروسية . وان اكثر ما يلفت الانتباه في موضوع الازمة السورية ان أطرافا خارجية هي من تجري اتصالات تنسيقية حول اليات التعاطي مع هذه الازمة ( نيابة ) عن الأطراف السورية التي يفترض انها المعنية اكثر من غيرها في شؤونها الداخلية . ما يجعلنا لا نستبعد سيطرة لغة المصالح بين اطراف دولية وإقليمية على المفاوضات التي تجريها بشأن الملف السوري المستقبلي وعلى حساب المصالح السورية ، وذلك بعد ان تعددت الأطراف الخارجية والداخلية المتصارعة على الساحة السورية ، وبدا ان هناك اكثر من مكان واكثر من جهة تقود المفاوضات وان القاسم المشترك بينها يتمثل بوضع عقبات او تعقيدات ربما لفرض وقائع سياسية وميدانية على السوريين وعلى الأقطار العربية التي هي على تماس مباشر بالملف السوري لاقناعها بصعوبة المهمة السياسية اذا لم تأخذ بالسيناريوهات التفاوضية التي تعد لها جهات خارجية في جنيف واستانا ، وما موقف منصة موسكو في المفاوضات الجارية في الرياض لتوحيد المعارضة السورية وتحضيرها لجولة جنيف القادمة ، الا بمثابة الدليل على وجود نوايا روسية غير حميدة ترمي الى اظهار المعارضة على انها منقسمة وغير موحدة في مواقفها حول الأولويات ، ما يبرر لاطراف خارجية ، وتحديدا روسيا وأميركا فرض اجنداتها وسيناريوهاتها على المعارضة بحيث تقبل بالامر الواقع المعد بصورة تتوافق ومصالح الدولتين . وان ما يضع الأمور الجارية في الساحة السورية في خانة القلق والخوف على سورية ، الطريقة التي تدار بها الاحداث في هذا القطر العربي من قبل العناصر الدولية والإقليمية التي تتحكم بمسارات هذه الاحداث وحركتها ، ما يجعلنا لا نستبعد وجود توافقات وتفاهمات بين هذه العناصر على كيفية انهاء الازمة السورية بالطريقة التي تخدم أهدافها ومصالحها . إذ تبدو الأمور وكأنها تسير وفق خطة مرسومة ومعدة بشكل واضح على توزيع الأدوار والمناطق التي يفترض ان تتواجد بها القوات العسكرية التابعة لكل طرف من هذه الأطراف الدولية والإقليمية ، وبما يضمن عدم وجود مصادمات ومواجهات بينها في إشارة الى التنسيق والتوافق على كيفية إدارة الملف السوري . حتى اننا لم نلاحظ تواجداعسكريا او تنفيذ عمليات عسكرية روسية في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الأميركية في سوريا او العكس ، وان الولايات المتحدة أوقفت برنامج المساعدات العسكرية الذي تقدمه لجماعات المعارضة من اجل إنجاح فكرة مناطق خفض التوتر التي طرحتها روسيا. يعزز من ذلك ايضا الزيارات والاتصالات التي جرت مؤخرا بين تركيا وايران لوضع أرضية تفاهم بين البلدين على كيفية التعامل مع تداعيات المشهد السوري ( الختامي ) خاصة لجهة الجزئية المتعلقة بالتطلعات والانتصارات التي يحققها الاكراد على الأرض السورية بدعم أميركي بصورة تهدد الامن القومي لهاتين الدولتين ( وكذلك الحال بالنسبة لموضوع الاستفتاء حول استقلال إقليم كردستان العراق أيلول القادم ) .