عصام قضماني
العجز في الميزان التجاري يمثل الفرق بين حجم المستوردات والصادرات وميله لمصلحة البلد وتوازنه على أقل اعتبار يعد مؤشرا على صحة الاقتصاد وقدرته التنافسية.
لم يسع الأردن إلى تكييف مكانته وفق هذه القاعدة بل على العكس ذهب بعيدا في اتفاقات دولية لم يوفر معها غطاء منيعا لصناعاته المحلية, وبدلا من دعمها البالغ في إغراق السوق بمنتجات متفوقة تحت شعار السوق الحر.
حتى في الأسواق المغرقة في الحرية توفر الحكومات حماية لمنتجاتها الوطنية وما هو أكثر من ذلك تفرض شروطا للتعامل مع صناعاتها ومنتجاتها في كل اتفاقيات الإستثمار والتجارة والتعاون المشترك وفتح الأسواق التي يملأ الوزراء أخبارها يوميا فضاءات الإعلام مثل بروتوكول رتيب لا يسمن ولا يغني من جوع.
في حالة الإقتصاد الوطني حيث يعاني الميزان التجاري من عجز كبير يعد مؤشرا على اختلالات مزمنة تصل الى درجة المرض الذي يلازم المريض ولا يفارقه, لكن الفارق هنا أن هذا المرض يداهم اقتصاديات الدول عندما يتراجع إنتاجها وبالتالي صادراتها لأسباب عديدة خارجة عن إرادتها أما بالنسبة للأردن فهو بفعل فاعل!!.
التوسع غير المحسوب في اتفاقيات تجارية دولية حرة حولت السياسات الحكومية المتعاقبة من حماية المنتج الوطني وتشجيعه الى حماية المستورد ومنحه حوافز, ووجدت هذه السياسات طبقة من الموظفين ومنهم من تولى فيما بعد حقائب وزارية كانوا حراسا لهذه السياسات يمنعون اختراقها وتهديدها بتكييف كل القرارات لخدمة الوكالات التجارية وكبار المستوردين من أسواق بلدان التجارة الحرة على حساب المنتج الوطني الذي واجهه بمضايقات كثيرة منها الطعن بكفاءة المنتج مرة ومرة التضييق على العمالة فيه بدعوى تشغيل عمالة محلية لم تجد من يؤهلها وثالثة كسب رضى الدول المصدرة ونفوذها وهم مجموعة المستوردين والوكلاء.
السوق مفتوحة على مصراعيها للسلع من أوروبا وتركيا والخليج والسوق الأميركية وحتى أميركا اللاتينية وعندما قررت أسواق مثل الأوروبية مساعدة الأردن اشترطت تشغيل اللاجئين وحددت السلع التي تقبل باستيرادها من الأردن وفق قواعد منشأ مخفضة بسلع مستحيلة مثل لوازم الفضاء والجرارات والسيارات ولم تفكر في أن تدفع الشركات العملاقة الى إنشاء نماذج مصغرة أو خطوط إنتاج لأجزاء من هذه السلع في الأردن.
الدعم الذي حصلت عليه الإتفاقيات الدولية كان لصالح شروط كسبتها الدول المنافسة من الجولة الأولى, والسوق مغرقة بإنتاج مستورد يتمتع بمزايا تفوق المنتجات من المصانع المحلية التي لم تعد تقوى على المنافسة في سوقها التقليدي بفضل اتفاقيات غير منصفة مع بلدان صناعية متقدمة مثل أوروبا وأميركا وكندا، أو بلدان ذات صناعات مدعومة بشكل مباشر أو غير مباشر كتركيا ودول الخليج.
أهم أسباب التضخم هي العجز في زيادة حجم الصادرات مقابل ارتفاع أسعار المواد الأولية والسلع المستوردة والنتيجة دخول الاقتصاد في ركود تضخمي ومعدلات بطالة مرتفعة كما هو الحال اليوم.
عن الرأي