بقلم: عصام قضماني
تهدف خطة التحديث الاقتصادي إلى تحفيز
النمو ليصل إلى ٥٪ مع نهاية الخطة ويفترض أن تكون هذه النسبة قد وفرت مليون فرصة
عمل على امتدادها.
بالمقابل هناك أوضاع مالية تعكس نفسها
في الموازنة سواء من ناحية العجز وكلفة خدمة المديونية وأقساطها اضافة إلى تراجع
الإيرادات وكانت سنة ٢٠٢٤ قد اختتمت ماليتها على تراجع بنحو ٩٠٠ مليون دينار.
أما برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق
عليه مع صندوق النقد الدولي، فيهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق الاسـتقرار الاقتصادي
والمالي، وما يعنيـه ذلك من إصلاحات هيكلية مثل سد عجز الموازنة العامة، وتخفيض
المديونية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الصادرات الوطنية وثبات سعر
صرف الدينار تجاه الدولار.
لا تزال سياسة ربط الدينار بالدولار
ناجعة وقد ثبت منذ العمل بها بعد عام الأزمة سنة ٨٩ أنها الأفضل للاقتصاد الأردني
رغم تكرار الدعوات إلى فك هذا الارتباط.
هذه السياسة خدمت الاقتصاد بشكل فعال
رغم أن لها أوجهاً سلبية مثل تأثيرها على تنافسية الصادرات لكن سعر الصرف الثابت
كان افضل ما يمكن فعله لتثبيت قوة الدينار وكبح التضخم..
بالرغم من التناقض بين السياسات
والإجراءات التوسعية المطلوبة لتحفيز النمو، والسياسات والإجراءات الانكماشية
اللازمة لتحقيق الاستقرار، إلا أن خطة التحديث الاقتصادي تحقق أهدافها برغم
العراقيل هنا او هناك وهي في معظمها خارجية الأسباب..
الحكومة تراهن على القطاع الخاص لضخ
المال المطلوب لان الخزينة لا تستطيع ان تضحي بأكثر مما تستطيع حفاظا على
الاستقرار المالي الذي يمكن ان يهتز في حال تم الإنفاق بالدين وبالتالي توسع العجز
ليس في صالح الخزينة اليوم التوسع في الاستدانة ورفع المديونية ليس بالأرقام
المطلقة فقط بل كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي أيضاً. وتشكيل ضغط على احتياطي
البنك المركزي من العملات الأجنبية التي بلغت مستويات قياسية قد تغري البعض إلى
الدفع بالتضحية بجزء منها.. فهل المطلوب تحقيق الاستقرار والأمان أولاً ولو عند
مستوى متدنٍ من النمو أم أن النمو يظل مطلوباً حتى لو كانت المالية العامة هي
الضحية؟..
يمكن أن تجمع الحكومة بين هذين
المسارين بتوازن فتخدم أهداف النمو، وتكون انضباطية لخدمة الاستقرار المالي
والنقدي.
دون الاغراق في السياسات التوسعية
لتحقيق النمو عبر الالتزام بالمشاريع المرصودة في الموازنة والتي تتوافر لها
مخصصات فعلية لكن ليس مقبولا التضحية في مكاسب الإصلاح الاقتصادي.
ليس صحيحاً أن تحفيز النمو يتم فقط برش
المال فهناك الكثير من الإجراءات الإدارية التي تحقق ذات النتائج ومنها الإصلاح
الإداري ومنح حوافز مدروسة للقطاعات المختلفة والتوسع في منح القطاع الخاص القدرة
على تنفيذ مشاريع خاصة به لخفض كلفة الطاقة.
الاقتصاد القوي هو الذي يقوم على قاعدة
متينة من الاستقرار المالي والنقدي وهي بحد ذاتها اهم قاعدة لتخفيف النمو الحقيقي
وقد جربنا النمو الوهمي الذي انكشف على ازمات كبيرة، فالإصلاحات الهيكلية تؤمن
البيئة المناسبة لتحقيق النمو.
[email protected]
عن الرأي