أحاول
أن أتحاشى في كتابتي لهذه الزاوية، ما يعتبرونه قضايا كبرى، ليس لأني أفكر بهذه
الطريقة فقط، بل لأنني أعتبر أن مخزون الكلام قد نفد، ومن المفروض أن كل
«الموجودين» سمعوه وقرأوه وقالوه وكتبوه..
أتذوق
«السامر»، كلما كان بدويا فيه حس، وخفة على القلب والعقل، وأمس كالعادة، أقلب شاشة
هاتفي، فصدف أن شاهدت، منظرا أصبح مألوفا على شاشتي، حيث يوجد فيدويوهات لشباب من
بدو السبع والنقب، يصورون احتفالاتهم الحاشدة، (عرس، طهور، سباق خيل...الخ)،
ويقيمون حفل «سامر»، ويوردون قصائد، يرددونها مع صوت موسيقى من فصيلة الـ
(دحيّة).. كلها «بتدحّي»، لكن ما يعجبني ان من بينهم من يقوم بتأليف الكلام أثناء
«الرقصة»، وكلما جاء دوره في «القول»، فيؤلف بيتا جديدا من «القصيد»..
المهم
سمعت كلاما فلسفيا، نفسيا، اجتماعيا، يعرض مسائل كثيرة تواجه المحطّمين مهنيا،
ويقول القائل:
(تشوف
حوالي بَعَدها.. كل غيمة أنطر رَعَدها)..
فقلت
في نفسي، تصرفه منطقي قليلا، فهو لم يذهب للحفر بحثا عن الذهب، بل، هو ربما تكاسل
عن السعي في عمله ففشل، ثم تعلق بالأمل
الكلاسيكي في حياة البداوة، فأصبح ينظر إلى السماء، وكلما شاهد غيمة تمر، ربما رفع
يديه للسماء إن كان عابدا متبتلا يدعو
الله أن تبرق وترعد الغيمة، فيهطل منها المطر.. وهو ماء جعل الله منه حياة للبشر
وغيرهم..
لم
أفكر إن كان الرجل القائل، يملك ناقة في السابق، أو دكانة، وباعها، وأصبح بلا مال
ولا «دَرّ» يطعمه ويقيم أوده، فأصبح يعيش على الأمل او «الأحلام».
بيت
القصيد، يصلح أغنية شعبية، لكثير من المجتمعات العربية، فكلنا تقريبا هذا حالنا
«بَعَدها»، حيث ضرب الكسل «أطنابه»، ثم حصدت الفشل، وهاهي تعيش أحلاما غير منطقية
ولن تقود إلا لصدمة مع واقع قاس.
أنا
لا أريد ان أتحدث عن قضايا كبيرة، سوى أن أسأل عن المؤسسات الكثيرة في القطاعين،
العام والخاص، حيث تسعى لإخراج الموظفين الى التقاعد، وتلقي بهم إلى مسؤولية وعهدة
مؤسسة الضمان.. ولم يسأل هؤلاء عن حالنا «بَعَدها»!.