بقلم: عصمت
الطاهات
كُثُر هم مَن
ظَلّوا أوفياء لبناء هذا الوطن العزيز، وكُثُر هم مَن ظَلّوا يعملون لجعله وطناً
شامخاً وكريماً، وكُثُر هم مَن نَذَروا أرواحهم ودِماءهم في سبيله، وكُثُر هم مَن
ظَلّوا يذرفون الدموع حُبّاً وعِشقاً لأرضه وسمائه، وكُثُر هم مَن رفعوه بأخلاقهم
السامية: أمانةً وشهامةً وصدقاً.
وفي المقابل،
كُثُر هم مَن ظَلّوا يخططون لتدمير الوطن بانقلاباتهم وتخريبهم ومكايدهم، وكُثُر
هم مَن أفسدوه باعتداءاتهم على المال العام ومقدراته، وكُثُر هم مَن ظَلّوا
يلوثونه بالرشاوى والمحسوبيات والسرقات، وكُثُر هم مَن شوّهوا سمعته، وكُثُر هم
مَن خانوه... نعم، كُثُر هم الأشرار في بلادنا.
ولكن ما أكثر
الأخيار في بلادنا! وما أكثر المُعلِّمين والأطباء والمهندسين والمحامين والموظفين
والمزارعين والتجار الصادقين والحرفيين الذين يتقدّمون صفوف الوطن حُبّاً وعِشقاً.
فلكل هؤلاء يجب أن تُرفَع القُبَّعات احتراماً وتقديراً. فكل هؤلاء يجب أن يكونوا
رُوَّادًا للبناء؛ فهم البناؤون الحقيقيون لهذا الوطن العزيز.
وبخلاف أولئك
الفاسدين والقتلة والسُّرَّاق والانتهازيين والمخادعين والكذابين والمنافقين، فكل
غاياتهم التخريب ليتمكنوا من هذا البلد وأهله، وليتولوا قيادته بحماقاتهم وعبثهم.
ولو ابتعد هؤلاء لاستقامت الأمور وبرز الشرفاء.
لذا، لا بد من
تصحيح هذه المعادلة المقلوبة، وليبتعد عنا كل هؤلاء الواهمون والفاشلون والجهلة
الذين لم يتركوا لهذا الشعب صغيرة ولا كبيرة. فليس أقبح من أن تسيطر علينا مافيات
لَعينة وعصابات فساد مجرمة، وليس أسوأ من أن ينتشر الفساد بدلًا من الحق والعدل
والفضيلة.
فكم يؤلمنا أن
يُحتقر هذا الشعب، وأن يُحكَم عنوةً بأشخاص غير قادرين على النهوض بالوطن! هذا
الوطن الأردنيّ تاريخه طويل في البطولات والمَجْد، وطنٌ ضحَّى بالغالي والنفيس في
سبيل بناء أوطان أخرى وبقائها. فرجاله نِشامى، ونساؤه نِشميات طاهرات شريفات
عفيفات، وترابه مقدَّس تنحني له كل الجباه. فيه أطهار الصحابة والأولياء الصالحين،
ويرقد فيه وفوقه وعليه شهداء تفوح من أجسادهم روائح المسك والعود والعنبر.
فأفسحوا له
الطريق أيها الرعاع! فكفاكم إفسادًا لحياته، وكفاكم تدميرًا لمستقبله.
وطني الأردن
سيبقى إلى قيام الساعة حتى يرث الله الأرض ومَن عليها، شاء مَن شاء وأبى مَن أبى.