ارتفاع أسعار الذهب في السوق المحلية نصف دينار وفاتان و 3 اصابات بحادث سير بين 4 مركبات أسفل جسر أبو علندا - فيديو الحكومة تقرُّ مشروع قانون موازنة عامَّة للعام 2025 تتسم بالواقعية وتحفيز النمو "الصناعة والتجارة” تطرح عطاء لشراء قمح وشعير ترشيح العرموطي لرئاسة النواب خدمّ الصفدي - وتحالفات الاحزاب الوسطية سحبت البساط من الاسلاميين العدوان على غزة يدخل يومه 412 والاحتلال يوصل ارتكاب المجازر جلسة تعريفية بالبرنامج الوطني للتشغيل في غرفة تجارة الزرقاء ناجحون في الامتحان التنافسي - سماء 3 وفيات و8 اصابات بحوادث على طرق خارجية وداخلية 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا شمال غزة وزير الزراعة يرعى الحفل التعريفي بالمستشفى البيطري والمركز التأهيلي.. تقرير تلفزيوني حفرة بالأقصر ابتلعت نجله.. استغاثة أب تشغل المصريين ذكاء أبل الاصطناعي يضعها في أزمة بالصين سقوط تلفريك من ارتفاع 3000 متر.. والنتيجة مفجعة! شاب جزائري يختطف طليقته ويطلب فدية.. ما عقوبته؟

القسم : بوابة الحقيقة
الأمن الفكري من منظور وطني..
نشر بتاريخ : 11/17/2024 6:58:52 PM
العميد الركن المتقاعد اسماعيل عايد الحباشنه

بقلم: العميد الركن المتقاعد اسماعيل عايد الحباشنه

 

يشهد عالمنا اليوم تسارعاً كبيراً في المتغيرات والمستجدات في مجال الأمن بشكل عام، وهذا يشكل تحدياً كبيراً للأجهزة الأمنية بكافة قطاعاتها، فلم يعد الأمن مفهوماً تقليدياً يعتمد على القوة البشرية كما عهدناه في العقود السابقة، فقد تغير هذا المفهوم بسبب الثورة التكنولوجية الحديثة التي طغت على العالم في العقد الأخير، ودخول التقنيات المتعقلة بالذكاء الاصطناعي، وتقنية المعلومات، والأمن السيبراني، ووسائل الحماية التي تعتمد على البرمجة التقنية، وأصبح الأمن يدار من خلال غرف المراقبة والأجهزة المحمولة كالهواتف والحواسيب، والنظم التي تعمل على ضمان المعلومات، وتعزيز حماية وسرية وخصوصية البيانات الشخصية للناس، واتخاذ جميع التدابير الأمنية اللازمة للحفاظ على أمن واستقرار المجتمعات من أية مصادر قد تهدد أمنها واستقرارها.

 

يعد مفهوم الأمن عموما  من المفاهيم التي حظيت باهتمام كبير عبر مختلف مراحل تاريخ البشرية، لأهمية الأمن وارتباطه بمصالح وحياة الإنسان ووجوده واستمراريته ومن ثم البحث عن سبل الحماية من جميع المخاطر والتهديدات التي يمكن أن تُهدد حياته، وعلى هذا الأساس سعى الإنسان سواء على مستوى الجماعة أو الأفراد عبر مراحل التاريخ إلى العمل على تحقيق الاستقرار والأمن بالوسائل التقليدية من خلال التعاون والتنسيق فيما بينهم بحكم صلة الجوار والحفاظ على المصالح الحيوية المشتركة

 

فاذا نظرنا الى الأمن الفكري كمفهوم أمني ومدى حاجة الأوطان له  فهو أساس استقرار المجتمعات والأمم، وهو يصوب أهدافه للتصدي للأفكار الخاطئة المنحرفة من خلال تضافر العديد من الجهات كالأسرة والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام والجهات الأمنية وغيرها، ويستهدف ترسيخ فكر وسطي معتدل وحماية عقول الأجيال الناشئة والمجتمع ككل تجاه الأفكار المتطرفة المخالفة التي لا تنسجم مع سماحة الإسلام وعادات المجتمع وأنظمته وقوانينه.

 

وقد عرف البعض الأمن الفكري بأن يعيش الناس في بلدانهم وأوطانهم وبين مجتمعاتهم آمنين مطمئنين على مكونات أصالتهم وثقافاتهم النوعية ومنظومتهم الفكرية، وهو جانب رئيسي وضروري في حياة المجتمعات كما يعد مقياساً على تطور الأوطان  وتحضرها مقارنة مع باقي الأمم سيما أننا  نعيش في عصر أضحت فيه المعلومات متاحة للناس في لحظات بشتى بقاع الأرض.

 

 في حين قد يوظف من يحملون الأفكار المتطرفة هذه المعلومات للسيطرة على عقول البعض من خلال حشوها بالمعلومات الـخـاطئة والسعي لإقـناع الـبـعـض بها، حيث يهدف ذوو الأفكار المتطرفة للتشكيك في قيم وأخلاق المجتمع وعقيدته وثوابته المعتدلة لتمرير أفكارهم المتطرفة المتشددة التي تحرض على سفك الدماء وترويع الآمنين وتدمير المجتمعات عن طريق استغلال الدين في ذلك، وللأسف تنطلي هذه الأفكار على بعض الذين يعوزهم الوعي ويتحولون إلى أدوات للعنف والقتل والتدمير.

 

ويتسق الأمن الفكرى  تماما مع ماهية الأمن الوطني؛ حيث أن كلاهما يحرص على التزود بكل قوة من النسق القيمى والمعتقد الذى يتبناه ويؤمن به المجتمع، ومن ثم يتشكل الكيان السياسى الذى ينظم أطر التعامل والتعاون ويضمن التماسك بين جميع الأفراد داخل هذا المجتمع، ويحافظ على الحياة ويؤصل سُبل استقرارها، ومن ثم يعزز من مقومات الأمن القومى ويدعم ماهية التعايش السلمي؛ حيث العمل على حماية الوطن من النفاق والهزل السياسى، والعنف، وتدمير الأرواح، والممتلكات.

 

وغالبا ما يواجه الأمن الفكرى تحديات  جمه إزاء التطور التقنى المتسارع وانتشار وسائل التواصل الاجتماعى من خلال  كفاءة غير مسبوقة لشبكة الاتصالات الدولية، مما يؤدى إلى تزايد المخاطر المتعلقة بالانتشار السريع للمعلومات والأفكار غير الموثوقة والمضللة، مما يتطلب مزيدًا من الجهود لتعزيز الوعى وبناء المناعة ضد الأفكار المتطرفة والضارة.

 

ويرتبط الأمن الفكري بتأمين وسائل حماية  أذهان وأفكار الفرد من الأفكار التي تتسق مع المعتقدات الخطأ؛ كونها تشكل خطراً على المجتمع وأمن الدولة قاطبة، ومن ثم يستهدف الأمن الفكري سلامة الفكر وتحقيق عوامل الأمن والاستقرار المجتمعي عبر خطط الدولة الاستراتيجية التي ترتقي بالوعي في شتى المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، وتقوم على كاهل مؤسسات الدولة الرسمية والأجهزة المنوطة بتحقيق غايات الأمن الفكري.

 

ومن مقومات الأمن الفكري المهمة توافر البيئة التربوية التي تعمل على تكوين الخبرة في مجالاتها المعرفية والوجدانية والمهارية، ومن ثم تؤدي إلى غرس المفاهيم الصائبة التي تتسق مع ثقافة المجتمع وقيمه، بما يحافظ على عقولهم من محاولات النيل منها، ولا بديل عن تنمية مقدرة الفرد ليتمكن من التمييز بين الصحيح والخطأ من معلومات في العالم المفتوح، ويشكل ذلك قمة الحماية الفكرية.

 

ولذا لكي نصنع أمناً على المستوى المجتمعي لا بد من صناعة أمن فكري من خلال استقامة فكر الفرد والعمل على تخليصه من أي شوائب تتعلق بثقافة زائفة سيطرت عليه وحالت بينه وبين تحقيق السلم الاجتماعي والرخاء، وكذلك يمكن صناعة الأمن الفكري من خلال تحصين فكر الإنسان من أي انحراف يظهر في سلوكه ويعد خطراً على أمن المجتمع واستقراره.

 

والدول وقيادتها السياسيه يجب أن تقرأ  المشهد  بشأن قضية الأمن الفكري؛ حيث يجب توجيه مؤسسات الدولة وحدها للعمل من خلال استراتيجيات وطنيه قابله للتطبيق تحث على تمكين الشباب والتأكيد على دورهم المحورى فى مكافحة التطرف والعنف والإرهاب ونبذ الأفكار المضللة وتفنيد الشائعات وأن يكونوا حائطا منيعا عن المجتمع من خلال تقديم نظام تعليمى متميز وبرامج تدريبية تنويرية وحواريه وإكسابهم المهارات الحياتية والتوجيه الوظيفى للشباب للقيام بدورهم الإيجابى فى  صيانة امن وطنهم فكريا وعقائديا  لنصل إلى أوطان أمنه مستقره.......

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023