لا يبدو أن نتنياهو يريد إبرام صفقة
لتبادل الأسرى، ففي كل مرة يتعمد وضع العراقيل لإفشال جولات المفاوضات، إلى جانب
عدم رغبة الولايات المتحدة الأمريكية ممارسة مزيداً من الضغوط عليه لإرغامه على
قبول صفقة تبادل الأسرى، والآن وقد وضع عقبة محور فيلادلفيا رافضاً انسحاب قوات
الاحتلال الإسرائيلي منه، مصراً على إبقاء الجيش فيه مهما كانت عواقب قرار كهذا،
وسواء رضيت الولايات المتحدة أم لم ترض لن يتزحزح نتنياهو عن شرطه هذا، لا يهمه البقاء
في ذلك عودة الأسرى في القطاع، ما يهمه هو البقاء في محور فيلادلفيا، مما يعني
التسبب في مشكلة مع جمهورية مصر العربية.
والغريب أن نتنياهو قد وافق سبع مرات
في عام ٢٠٠٤ على انسحاب جيش الاحتلال من محور فيلادلفيا آنذاك، وما يقوم به الآن
إلا مناورة سياسية، الهدف منها إطالة عمر الحرب، فإذا ما توقفت الحرب يعرف مسبقاً
مثوله أمام القضاء بتهم فساد عديدة، والعالم يتفرج على ما يفعله نتنياهو وحكومته
المتطرفة بغزة والضفة الغربية، فما يكاد يخرج جيش الاحتلال الإسرائيلي من منطقة في
القطاع حتى يرجع إليها مرة أخرى بالقصف والتدمير ، وارتقاء مزيداً من الشهداء،
والهجوم المفاجئ على مخيم جنين وطولكرم وطوباس وتبعتهم الخليل وأريحا وبيت لحم
ونابلس كذلك، فازداد التضييق في الضفة وإقامة حواجز عسكرية جديدة، تعيق حركة
الفلسطينيين وتشدد الخناق عليهم، عدا الاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين وتحت
حماية جيش الاحتلال بضرب وإهانة المواطنين الفلسطينيين وإعاقة دخولهم إلى مدنهم
وقراهم، وسرقة أراضيهم الزراعية وحرق مساحات شاسعة منها، والاستيلاء على مواشيهم
وممتلكاتهم، يتوافق ذلك مع عمليات عسكرية مكثفة في مخيمات الضفة الغربية خاصة
مخيمي طولكرم وجنين، وما تخلفه من دمار وتجريف للطرق والبنية التحتية، وتحويل بيوت
المواطنين إلى مراكز تحقيق للرجال والنساء.
وتظل حكومة نتنياهو على تعنتها وتضرب
بعرض الحائط جميع النداءات لوقف إطلاق النار و عملياتها العسكرية العنيفة على
القطاع واستفزازات المستوطنين وعنفهم على مواطني الضفة. ولا يمكن رؤية نهاية لتلك
الحرب اللانهائية مادام نتنياهو ووزرائه المتطرفين يتحكمون بالمشهد برمته في
فلسطين المحتلة برضا منه وموافقة كاملة.
العالم وفي القلب منه المجتمع الدولي
لا يملك غير تقديم عبارات الإدانة والقلق وفي أحسن الأحوال الاستهجان. والولايات
المتحدة وهي القوة الوحيدة القادرة على لجمه لا تود الضغط عليه وهي في ظرف حساس
الانتخابات الرئاسية، فالحزب الديمقراطي يخشى إن تم الضغط على نتنياهو وإجباره على
قبول صفقة لتبادل الأسرى وهو المقترح الأخير للولايات المتحدة الذي تقدمه لحماس
ودولة الاحتلال معنوناً بالفرصة الأخيرة، تراجع دعم اللوبي اليهودي في أمريكا
لهاريس وربما تخسر الانتخابات أمام منافسها الشرس دونالد ترمب، إذن المصالح
السياسية هي المسيطرة على الواقع السياسي بمجمله.
أما أهل غزة فليس لهم إلا الله ينقذهم
من الحرب المسعورة التي تشنها عليهم قوات الاحتلال الإسرائيلي بدعم اورو- أمريكي
كندي.