مرت علينا ذكرى معركة حطين في الرابع
من تموز عام ٥٨٣ للهجرة والتي وقعت بالقرب من قرية المجاودة بين الناصرة وطبريا
انتصر فيها جيش صلاح الدين على الصليبيين، بجيش قوامه ٢٥ ألفاً من العرب والكرد
والتركمان، خاض فيها أعقد وأقوى المعارك ضراوة في التاريخ الإسلامي، أحرز المسلمون
نصراً مستحقاً لقنوا الجيش الصليبي درساً قاسياً مازال تاريخهم يذكر معركة حطين كنقطة
فارقة في الصراع بين الشرق والغرب، وحدث مهم دق مسمار الموت في نعش الحملات
الصليبية، والتي مرغ فيها صلاح الدين أنوف قادة أوروبا وجيوشها بالوحل.
وبالرغم من قامة صلاح الدين الأيوبي في
التاريخ العربي والإسلامي، فهو بطل عربي كردي مسلم هاله ما رأى وسمع من انتهاك
حرمات المسلمين ومقدساتهم على أيدي صعاليك أوروبا، فأخذ عهداً على نفسه تحرير
القدس وإستعادة كرامة المسلمين والتي تخاذل عن نصرتها حكام كثر آنذاك. فلو كان في
زماننا ويعيش بيننا وفي خضم الأحداث التي تمر بها أمتنا الإسلامية وبخاصة الحرب
على غزة، فسيتنطح المتنطحون ويتنمر عليه المرجفون في مواقع التواصل الاجتماعي،
متهمين إياه بجر المسلمين إلى التهلكة وأتون نار حرب مستعرة! ولتداعوا إلى تدشين هاشتاج تحت عنوان #لماذا يا
صلاح الدين؟! هذا هو حال بعض الأشخاص الذين يعيشون في مجتمعاتنا بلا أدنى شعور
بالأخوة الإسلامية أو حتى بضع إنسانية، لا يطيقون ما من شأنه أن يعلى صوت الحق
ويرفع راية الأمة ويعيد إليها هيبتها بين الأمم، ألهتهم الدنيا وزخرفها يريدون أن
يستمتعوا بالتفاهات وسفاف الأمور، سيهاجمون صلاح الدين كما يهاجمون من يدافعون عن
أوطانهم وشعوبهم، متقاعسون ركنوا إلى القعود والخنوع، وقد يصل بهم الأمر إلى الوقوف مع الأعداء ضد بني جلدتهم.
مرض النفاق استشرى وسكن قلوب الكثيرين
من هذه الأمة، يخذلون ويثبطون عن مقاومة الأعداء ويشككون في نيات المصلحين، يحسبون
أنفسهم ملائكة يمشون على الأرض، فالأمر لن يتوقف عند حرب غزة بل سيتعدى إلى
الثوابت والقيم التي تربى عليها الناس في مجتمعاتهم الإسلامية، يروجون للأعداء
لينخروا جسد الأمة وتصبح فريسة سهلة للمتربصين والحاقدين، ويجعلون أنفسهم جسوراً
تعبر من خلالها أفكار مشبوهة مسمومة إلى داخل المجتمعات بغية تفتيتها من أساسها،
يضربون الدين تارة ووحدة شرائح المجتمع ومكتسباته تارة أخرى، يهدفون من وراء ذلك
إشعال الفوضى والنزاع الداخلي، حتى يسهل عليهم الانقضاض على الرابط الجمعي بين
أفراد الوطن الواحد، بفضل أذرعهم التي عششت في كل ناحية من نواحى حياة الناس ونشطت
فيها، لكن الخائفون على أمتهم سيكونون لهم بالمرصاد لأنهم يعرفون ألاعيبهم جيداً.