بقلم: د. هايل ودعان الدعجة
الملاحظ في السنوات الاخيرة التي مر
بها الاردن ، تلك الغرابة التي لازمت بعض الاحداث والمواقف والمحطات التي شهدها .
والتي وفرت للبعض مساحات شاسعة مكنته من اعتلاء منابر لم يكن بمقدوره الوقوف
امامها يوما ، ليتحدث ويتكلم من موضع
الواثق والمرتاح ، وهو يضع نفسه في موقف المدافع عن البلد والحريص على مصالحه
وامنه واستقراره وسط سجالات وتجاذبات اعلامية ، جاء معظمها على شكل ردود افعال على
كتابات او تعليقات كانت ساحتها وسائل الاعلام المختلفة . فاذا بنا امام سيناريوهات
عجيبة ، لم نعد نقوى على فهمها واستيعابها ، استنادا الى ما نختزنه في ذاكرتنا من
معلومات واحداث ، جعلت من الضبابية وعدم الوضوح عنوان المرحلة التي نعيش على وقع
خلفية هذا البعض الفكرية والسياسية والتياراتية ، الذي جعل من الاردن يوما هدفا
لاجندات ومخططات خارجية عدوانية ، كان اداتها عندما قبل ان يكون بوقا لانظمة عربية
حاكت المؤامرات والفتن ضد بلدنا وقيادتنا . تبعه ما يسمى بتيار الحداثة والمدنية
الذي يجسد الفكر الدخيل على منظومتنا الوطنية بتفرعاتها الاخلاقية والقيمية
والدينية ، مستهدفا النيل منها وتلويثها بالرذيلة والفحشاء .
لقد وصلت الجرأة بهذا البعض حد التفكير
بطرح وصفات اصلاحية تحديثية يرى بانها ستجعل من نظامنا السياسي اكثر حداثة وعصرنة
وانفتاحا وتعددية ، ومواكبا للتطورات والمستجدات التي تعصف بالعالم والمنطقة .. مع
انه كان يتربص به يوما ويستهدف الانقلاب عليه ، واخر يحاول التطاول على خصوصيتنا المجتمعية بابعادها الاخلاقية
والقيمية والدينية ، وما تحمله من دلالات وطنية ، مكنت بلدنا من مواجهة كل ما
اعترض طريقه من تحديات وتهديدات .
فالى هذا الحد بلغ استخفاف هذه الشرذمة
بعقولنا ، بان تحاول تسويق نفسها على انها تملك الوصفة السياسية والفكرية
والاصلاحية السحرية التي من شأنها النهوض ببلدنا وتقدمه ، وهي نفسها التي اما
مارست دور الخيانة والعمالة لحساب اجندات خارجية تخريبية ، واما انها تحاول نفث
سمومها للنيل من ثقافتنا وهويتنا وخصوصيتنا ، المستمدة من بيئتنا الاجتماعية
وعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا واخلاقنا التي هي مصدر قوتنا ومنعتنا ، ودرعنا الواقي
من الانزلاق في براثن الفوضى والحروب التي عانت منها بعض دول المنطقة في السنوات
الاخيرة .. الان وبعد ان كانت هذه الشرذمة بمثابة الخنجر المسموم في خاصرة الوطن ،
تخرج علينا وتعود لنا ومن بوابة التحديث والاصلاح ، وهي التي حاولت يوما ان تجعل
من وطننا امتدادا لما يسمى بالمد الثوري عبر تجييش ابناء الوطن ضد وطنهم وقيادتهم
.. لتعود اليوم وتحاول اقناعنا بان قلبها على الوطن الذي طعنته ( بظهره ) يوما ،
كما طعنت وخانت قيادته . والحال ينطبق ايضا على التيار الاخر الذي هو ايضا يستهدف
الوطن وإن بادوات اخرى مختلفة.