من اللافت ان بعض زلم الدولة من المحسوبين عليها،
ويتم الدفع بهم الى مواقع المسؤولية الرسمية والحكومية والبرلمانية، غالبا ما
يتسمون بالسلبية وعدم المواجهة ولا يدافعون عن قراراتهم، ويتسببون لها بالحرج امام
الشارع الذي لا يثق بهم . اضافة الى انهم ليسوا على استعداد، ولا يملكون في الغالب
الجرأة الكافية للدفاع عنها . بطريقة تجعلنا نتساءل عن الاسباب التي تدفع بمطبخ
القرار للمتاجرة بهم رغم كلفهم الشعبية الباهظة، وتسببهم في تراجع ثقة المواطنين
بمؤسسات الدولة، وعدم الدفاع عنها وعن المؤسسات التي يديرونها او تلك التي تقف
خلفهم وتدفع بهم الى الواجهة .
عدا عن ميل هذه النوعية المرتجفة الى
الالتزام بالصمت في المواقف التي تتطلب منها التحرك واثبات حضورها والدفاع عن
الدولة من على المنابر الرسمية وتبني الخطاب الرسمي.. الذي حتى وان تبنته وحاولت
ترويجه والدفاع عنه، فأنها لن تجد هناك من يثق بها او يصدقها . مما يعطي المجال لأطراف
اخرى غير محسوبة على الدولة، كالمعارضة مثلا، لاستغلال هذا الفراغ وهذه الثغرة
والولوج منها للظهور وبقوة والتأثير في الشارع وكسبه الى جانبها، وذلك بسبب
التجارة (المخسرة) بهذه النوعية الصامتة التي لا يعيرها الشارع اي اهتمام وترى ان
مصلحتها في صمتها، وعادة ما تميل الى تقديم هذه المصلحة على مصلحة الدولة التي
احتضنتها وتاجرت بها . اضافة الى دورها في خلق الازمات ومساهمتها في تردي الاوضاع
الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي يعاني منها المواطن، الذي اخذ يطالب
باستبعادها وضرورة الخلاص منها ومن تواجدها في مواقع المسؤولية .
والحال ينطبق على بعض الشخصيات
البرلمانية (النيابية) التي تصنف بانها من زلم الدولة، التي تساعدها في الوصول الى
قبة البرلمان، حتى وان كان الثمن اثارة الشكوك حول نزاهة الانتخابات، وباتت هناك
قناعة بان وجود بعض الاسماء تحديدا تحت القبة يعتبر من علامات عدم النزاهة، بغية
المتاجرة بها رغم تجردها من ابجديات النيابة ومقوماتها. والدفع بها ايضا الى مواقع
نيابية متقدمة، دون ان تضع الدولة باعتبارها تداعيات هذه الممارسات الخاطئة
وانعكاساتها السلبية على سمعة بلدنا ديمقراطيا وبرلمانيا من خلال تمثيل هذه
الشريحة غير المؤهلة لمجلس النواب في اللقاءات والاجتماعات البرلمانية المختلفة او
تنظيمها اجتماعات واستقبالها لوفود خارجية متمرسة في العمل السياسي والحزبي
والبرلماني، بطريقة ستجعل الكفة تميل لصالح هذه الوفود، بحيث تكون الدولة هي
الخاسر الاكبر نتيجة هذه المغامرة غير المحسوبة النتائج، اعتقادا منها ان النيابة
هي مجرد رفع ايدي زلمها كناية عن الموافقة على تمرير ما تطلبه منهم تحت القبة من
قوانين وتشريعات وقرارات وغيرها .. رغم انها تستطيع استبدالهم والمتاجرة بغيرهم
ممن اهم اكفأ وافضل منهم ولديهم الاستعداد لان ( يبصموا ) لها ويقفوا معها
ويدافعوا عنها ويدعموا سياساتها وتوجهاتها، حتى وان كانت غير شعبوية، ليس بمجرد
رفع الايدي، وانما بتوظيف المنبر البرلماني لمساندتها وتبني مواقفها والدفاع عنها
بحماس وبصوت عال ومقنع ومسموع، يوازي او
ربما يتجاوز اصوات الاطراف الاخرى العالية والمرتفعة التي تستهدف التأثير في
القواعد الشعبية وكسب ميولها وتعاطفها .