خيري منصور
هل كان صلاح الدين يتوقع يوما بأن القلاع التي شيّدها لصدّ الغزاة وهو في طريقه لتحرير القدس سوف تتحول الى كمائن ينصبها الارهابيون على اختلاف الهويات والاسماء لاختطافه اولا ثم ارتهان الابرياء ؟
هل خطر ببال ذلك الرجل الذي التقط الصليب الذي سقط على الارض واعاده الى مكانه وضمد جراح عدوه ان زمنا سوف يأتي يطعن الانسان توأمه من الخلف او يقتل من لاذ ببيته او قلعته ؟
اننا نحتاج الى خيال لا حدود له كي نتصور مشاهد نراها على الشاشات ونرفض ان نصدقها لكن التكرار يفرض علينا اخيرا ان نصدقها وما نخشاه هو ان نتأقلم معها بحيث تفقد غرابتها وفظاعتها ووحشيتها، من استخدموا قلاع صلاح الدين على امتداد عواصمنا لغير الاسباب التي شيدت من أجلها هم بيض الافاعي في صدوع التاريخ والجغرافيا معا والذي انتظر قرونا كي يفقس في ايامنا .
انهم يذبحون صلاح الدين بدءا من شاهدة قبره وبوابة قلعته وهم يرددون اسمه وبذلك تكون الجريمة جريمتين، انهم يذكروننا ببيت شعر لجميل بثينة العذري حين قال :
يقولون جاهد يا جميل بغزوة واي جهاد غيرهن اريد
وكان يقصد النساء، لكن الفارق بين جهاد جميل بثينة وهذا الجهاد هو ان المجاهد الجديد الذي لم يولد من صلب دين او ذرية يستهدف كل شيء باستثناء ما هو جدير بالجهاد …
فالقدس التي يجري تهويدها تقع بالنسبة لهؤلاء في مجرة نائية والمريخ اقرب منها الى بنادقهم واحزمتهم واشلائهم بدلا من الاقتداء بالايوبي واقتفاء خطاه يجري اختطافه من قبره بعد ان عجزوا عن اختطاف ذريته من قلاعه الحصينة !
لقد تمادوا وملأوا نشرات الاخبار دما وعيون الضحايا الابرياء دمعا، وما لم يقطع رأس الافعى فإن حمولتها من السم بانتظارنا جميعا !
عن الدستور