يسعى نتنياهو من قضية حي الشيخ جراح
والاعتداء على المسجد الاقصى في ليلة القدر لتثبيت نفسه والبقاء في منصبه، خاصة
بعد فشل جهوده لتشكيل الحكومة في وقت يواجه فيه تهما بالفساد قد تدخله إلى السجن
في حالة لم يبق في منصبه، ومن ثم فإنه يفعل كل ما بوسعه كى يثبت للإسرائيليين أنه
الرجل القوى القادر على حماية إسرائيل.
من زاوية أخرى، يخشى نتنياهو من تقارب محتمل بين
السلطة الفلسطينية، والبيت الأبيض في عهد الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، ومن ثم
يسعى للتسريع بفرض قواعد جديدة على الأرض وربما إشعال الموقف في القدس لتمتد تداعياته
إلى الضفة الغربية وقطاع غزة أيضاً، فيصبح الحفاظ على أمن إسرائيل أولوية عند
تشكيل الحكومة.
وظل نتنياهو يحاول تشكيل ائتلاف حكومى
بعد النتائج غير الحاسمة لانتخابات الكنيست 2021 ، وهي الرابعة من نوعها خلال
عامين. وفشلت جهوده فى تشكيل الحكومة لعدة أسباب أهمها: أن أى ائتلاف بقيادته يتطلب تعاوناً ضمنياً بين حزب "القائمة
العربية الموحدة" (راعم)، وتحالف الصهيونية الدينية اليميني بزعامة بتسلائيل
سيموتريتش، الذي تبنى قادته خطاباً معاديا للفلسطينيين. ويصف "راعم"
بأنهم "مؤيدون للإرهاب" يرفض العمل معهم. وكان بإمكان نتنياهو أيضا أن
يتوصل إلى العدد المطلوب من خلال التصالح مع حليفه السابق القومي الديني نفتالي
بينيت الداعم لتوسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وإقناع المنشقين عن
الليكود في حزب "الأمل الجديد" بقيادة جدعون ساعر بالعودة إلى حزبه، لكن
ساعر أكد أن حزبه ملتزم بالإطاحة بنتنياهو حتى لا يخرق تعهداته لناخبيه.
وانقضى الموعد النهائي للمدة القانونية
الممنوحة لنتنياهو وهى 28 يوماً، ومن ثم أبلغ الرئاسة أنه غير قادر على تشكيل
حكومة وأعاد التفويض إلى الرئيس وفقاً للقواعد القانونية. وقد بعثت القائمة
المشتركة التى تضم الأحزاب العربية برسالة لريفلين، تبلغه فيها، أنها أمام خيار
إعادة القرار للكنيست، أو تكليف بينيت، أو لابيد، وأنها تؤيد تكليف لابيد، وتعارض
حكومة يترأسها بينيت، وكانت الرسالة بتأييد خمس نواب من الجبهة الديمقراطية
والعربية للتغيير، ومعارضة نائب حزب التجمع الوطني الديمقراطي، أما موقف القائمة
العربية الموحدة، راعم وبحسب نص الرسالة
لريفلين، فهو أنها لا توصي بتكليف أحد، “ولكنها ستتعاون بشكل إيجابي مع من يتم
تكليفه بمهمة تشكيل الحكومة، بمعنى من يحظى بأكبر عدد، والقائمة العربية الموحدة
باستطاعتها أن تكمل عدد النواب المطلوب لتشكيل الحكومة، وهي ستفعل هذا إذا تم
التجاوب مع طلباتها في المفاوضات”، بناء على ذلك كلف الرئيس الإسرائيلي رؤوفين
ريفلين، زعيم حزب "هناك مستقبل" المنافس الأقوى لحزب نتنياهو الليكود، يائير لابيد، بتشكيل حكومة في بعد
توصية 56 عضو كنيست به وهو مازل بعيداً عن
الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة وهى 61 عضواً. وإذا لم ينجح فيمكن للرئيس تكليف
البرلمان باختيار مرشح. وإذا لم يستطع فستجري إسرائيل انتخابات خامسة مما يسمح
بأطول مدة بقاء لنتنياهو فى حكومة تسيير الأعمال.
ويرى الرئيس الإسرائيلى أن " لدى لابيد خيارات عديدة
لتشكيل حكومة يمكنها الفوز بثقة الكنيست، يقودها في المرحلة الأولى مرشح آخر يشغل
فيها منصب رئيس الوزراء المناوب".
وسارع نتنياهو إلى عقد مؤتمر صحافي بعد
تكليف لابيد بتشكيل الحكومة، وشن خلاله هجوماً عنيفاً على الحكومة المتوقعة، وعلى
زعيم حزب "يمينا"، واصفاً إياها بأنها حكومة "يسارية خالصة"،
مدعياً أنها ستفشل في الدفاع عن إسرائيل في المحافل الدولية، وعلى رأسها المحكمة
الجنائية، وستفشل في مواجهة المشروع النووي الإيراني، وستجمد الاستيطان، وستُنفّر
الأجيال المقبلة من الانخراط في الجيش الإسرائيلي. ولم يدخر نتنياهو جهداً فى
محاولة إفشال لابيد.
يأمل نتنياهو إرغام إسرائيل على الذهاب
لانتخابات خامسة ليضمن بقاؤه السياسى
لأطول فترة ممكنة والمماطلة فى إصدار أحكام قضائية تدينه بسبب تهم الفساد وذلك على
حساب الجانب الفلسطيني .