تشهد العلاقات السودانية - الإثيوبية
حالة من التوتر في ظل استمرار الاعتداءات من قبل الميلشيات الإثيوبية المسلحة علي
القوات والمواطنين السودانيين داخل الأراضي السودانية، وتكثيف السودان تعزيزاتها
العسكرية على حدودها الشرقية المتاخمة لإثيوبيا، وبسط نفوذها على الأراضي
السودانية في منطقة الفشقة التي كانت تسيطر عليها مجموعات من قبائل الأمهرة
الإثيوبية بحماية ميليشيات إثيوبية تسمى "الشفتة"، إلى جانب تعنت
ومماطلة الطرف الإثيوبي في الاتفاق لوضع العلامات الحدودية وتمسكه بإعادة التفاوض
علي ترسيم الحدود، والزعم بأن هذه الأراضي إثيوبية ومطالبته للسودان بسحب قواته
منها لحدود ما قبل 6 تشرين الثاني 2020 كشرط للعودة للتفاوض، وهو ما قوبل بالرفض
من السودان لأي حديث عن نزاع حدودي أو إعادة ترسيم للحدود بين البلدين، وشددت على
أن التفاوض بشأن وضع العلامات الحدودية فقط. كما أكد الجيش السوداني عدم التنازل
عن شبر واحد من أراضيه، وهو ما يثير القلق الإقليمي والدولي بشأن احتمالية وقوع
مواجهات عسكرية واسعة النطاق أو حرب شاملة بين البلدين تهدد السلم والأمن في منطقة
القرن الإفريقي والبحر الأحمر.
على الرغم من اعتراف إثيوبيا بمعاهدة
1902، التي رسمت الحدود بين البلدين وتأكيد الاعتراف بها عام 1972، إلا أنها ظلت
تماطل طوال عقود في وضع العلامات الحدودية رغبة فى استمرار استغلال قبائل الأمهرة
الإثيوبية للأراضي السودانية في منطقة
الفشقة. وعقب زوال نظام البشير في السودان عام 2019 سُلطت الأضواء على التعديات
الإثيوبية على الأراضي السودانية، وأعاد الجيش السوداني انتشاره بها بعد غياب لنحو
ثلاثة عقود؛ حيث تصاعد النزاع الحدودي بين السودان وإثيوبيا بسبب هجوم “للميليشيات
الإثيوبية” على القوات السودانية على الحدود، وعقب هذا الهجوم أعاد الجيش السوداني
انتشاره في المنطقة لحماية حدوده، واتهم القوات الفيدرالية الإثيوبية بدعم
ميليشيات الشفتة، وأعلن العام الماضي إعادة سيطرته على نحو 80 بالمئة من المناطق
الحدودية.
يطرح تجدد النزاع عددا من السيناريوهات
المحتملة الاول التوصل لحل نهائي للنزاع الحدودي حيث قد تؤدي وساطة أطراف أخري
لإقناع إثيوبيا بأن تُقدم على استكمال عملية وضع العلامات الحدودية، وقد تُقدم
إثيوبيا على ذلك في حال ضمانه الحفاظ على مصالح قومية الأمهرة؛ بناء على اتفاق
مسبق مع السودان على تقنين أوضاع مزارعي الأمهرة، وتعزيز التعاون الأمني بين
البلدين، لتيسير وتأمين حركة انتقال الأفراد عبر الحدود.
اما الاحتمال الثاني فيتمثل بالتهدئة
المؤقتة مع احتمالية تجدد الصراع حيث قد يتجه البلدان الى التهدئة والاتفاق
الاتفاع على استمرار مسار عمل اللجنة العليا لترسيم الحدود والتعاون المشترك لضبط
الامن على الحدود .
فيما يتعلق بالاحتمال الثالث سناريو
الحرب الشاملة في ظل تمسك كل طرف بموقفه، قد تندلع اشتباكات عسكرية موسعة أو حرب
شاملة بين البلدين، وهو أمر سيكون له تداعيات خطيرة على الاستقرار الداخلي لكلا
البلدين، وكذلك الاستقرار الإقليمي، حيث قد يؤدي إلى استغلال الجبهة الشعبية
لتحرير التيجراي انشغال إثيوبيا في الحرب
لتصعيد النزاع معها وإعلان الانفصال، وتنامي أعداد النازحين داخلياً أو اللاجئين
للعديد من الدول، كما قد تجذب المواجهات العسكرية الواسعة عددا من الدول المجاورة،
وتحفز الحركات الإرهابية، مثل تنظيم الشباب للقيام بعمليات داخل الاقليم وتوسيع
انتشارها، نظراً للسيولة الأمنية والعسكرية التي ستصبح عليها المنطقة ،وهو أمر ليس
في صالح أمن البلدين أو أمن دول الاقليم وخاصة أمن البحر الأحمر.
بناء على ما سبق وتصاعد احتمالية تنامي
النزاع الحدودي بين إثيوبيا والسودان لمواجهات عسكرية واسعة النطاق تهدد بتداعيات
أمنية، ستنعكس تأثيراتها، وتمتد من المستوي الثنائي بين البلدين إلي مستوي إقليمي
يهديد السلم والأمن في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر، يستوجب كل ذلك تعدد
المساعي الاقليمية والدولية للتوسط بين أطراف النزاع لحلحلة الأزمة، فاندلاع الحرب
ليس في مصلحة أي طرف.